فشلت قمة المناخ الأخيرة في البرازيل في تحقيق تقدم كبير نحو الهدف العالمي المعلن، وهو التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري. وعلى الرغم من تعهدات سابقة، لم تتمكن القمة من تعزيز الالتزام بتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الملوثة، مما أثار مخاوف بشأن مستقبل الجهود المبذولة لمواجهة تغير المناخ. وتُظهر التقديرات أن العالم يسير نحو ارتفاع في درجة الحرارة يهدد بإحداث تغييرات مناخية كارثية.
أكدت القمة على ضرورة توفير تريليونات الدولارات لتمويل مشاريع الطاقة النظيفة، إلا أن الخلافات حول آليات التمويل وتوزيعها عرقلت التوصل إلى اتفاقات ملموسة. وأثار هذا الأمر انتقادات واسعة النطاق، حيث يرى مراقبون أن الفشل في معالجة قضايا التمويل يقوض أي تقدم يمكن تحقيقه في خفض الانبعاثات.
أهداف قمة دبي لا تزال بعيدة المنال
في عام 2023، اتفقت الدول على ثلاثة أهداف رئيسية يجب تحقيقها بحلول عام 2030 للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض. وتشمل هذه الأهداف مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة عالميًا ثلاث مرات، ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة، وخفض انبعاثات الميثان بشكل كبير. ووفقًا لـ”متتبع العمل المناخي”، فإن تحقيق هذه الأهداف يمكن أن يحد من الاحترار المتوقع إلى 1.7 درجة مئوية.
ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن العالم متخلف عن الركب في تحقيق هذه التعهدات. على الرغم من النمو المستمر في قطاع الطاقة المتجددة، إلا أن وتيرة هذا النمو ليست كافية لتحقيق الهدف المحدد. ففي عام 2024، من المتوقع إضافة أقل من نصف الكمية المطلوبة من الطاقة المتجددة سنويًا.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه هدف تحسين كفاءة الطاقة تحديات كبيرة. فقد ارتفعت كثافة الطاقة الأولية العالمية بنسبة 1.8% هذا العام، وهو معدل أقل بكثير من 4% اللازمة لتحقيق أهداف قمة دبي. وتتطلب معالجة هذه المشكلة استثمارات كبيرة في الكهربة العامة، وتطوير أجهزة أكثر كفاءة، وتحسين عزل المباني.
تحديات خفض انبعاثات الميثان
وتشكل انبعاثات الميثان تحديًا خاصًا، حيث تستمر في الارتفاع على الرغم من تعهد 159 دولة بخفضها بنسبة 30% عن مستويات عام 2020. ويشير تقرير عالمي عن حالة الميثان إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهودًا أكثر طموحًا، بما في ذلك الكشف عن التسربات، وإغلاق آبار النفط المهجورة، وتحسين إدارة المياه في الزراعة.
وتشمل الاستراتيجيات الفعالة في هذا المجال تدابير بسيطة نسبيًا، حيث يمكن تحقيق حوالي 80% من التخفيضات بتكلفة منخفضة. ومع ذلك، يتطلب ذلك التزامًا سياسيًا قويًا وتنفيذًا فعالًا لهذه التدابير.
العديد من المراقبين يرون أن الفشل الحقيقي في معالجة تغير المناخ لا يكمن فقط في نتائج القمة، بل في عدم كفاية الإجراءات المتخذة على أرض الواقع. وقد دعت مجموعة من القادة والعلماء السابقين إلى إصلاح هيكل مؤتمرات الأطراف، واقترحوا نماذج جديدة للتصويت والانتقال إلى اجتماعات أصغر وأكثر تركيزًا على المهام المحددة.
في هذا السياق، يشير البعض إلى أن الولايات المتحدة قد تعيق جهود خفض الانبعاثات إذا ما عاد الرئيس السابق دونالد ترامب إلى السلطة. حيث يخشى البعض من أن سياسات ترامب قد تؤدي إلى زيادة استهلاك النفط والغاز، مما يقوض الأهداف العالمية.
الوقود الأحفوري هو أحد المحاور الرئيسية التي لم يتم التعامل معها بشكل كافٍ في قمة المناخ الأخيرة. والتركيز على الطاقة النظيفة، إلى جانب تقليل الانبعاثات، ضروري لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية. بالإضافة إلى ذلك، فإن قضية التمويل المناخي تظل نقطة خلاف رئيسية بين الدول المتقدمة والنامية، حيث تصر الدول النامية على ضرورة توفير المزيد من الأموال لمساعدتها على التكيف مع آثار تغير المناخ.
في الوقت الحالي، تتجه الأنظار نحو مجموعة صغيرة من الدول بقيادة كولومبيا وهولندا، والتي ستستضيف قمة خاصة لدفع عجلة التخلص التدريجي العادل من الوقود الأحفوري. ومن المتوقع أن تقدم هذه القمة مقترحات ملموسة وتقنيات قادرة على إحداث تغيير حقيقي على أرض الواقع. تبقى التحديات كبيرة وتتطلب تعاونًا دوليًا والتزامًا سياسيًا قويًا، مع التركيز على التنفيذ الفعال للتعهدات السابقة.










