شهدت أسعار النفط ارتفاعاً لليوم الخامس على التوالي في تداولات محدودة، حيث يوازن المستثمرون بين تصعيد الإجراءات الأمريكية ضد شحنات فنزويلا وتوقعات ضعف الطلب العالمي. يأتي هذا الارتفاع في ظل تقلبات سوقية متزايدة، مع تراجع أحجام التداول قبيل عطلات نهاية العام.

ارتفع خام غرب تكساس الوسيط إلى ما فوق 58 دولاراً للبرميل، بينما تجاوز خام برنت 62 دولاراً. وتأتي هذه الزيادة بعد قيام الولايات المتحدة بمصادرة ناقلات نفط قادمة من فنزويلا، في إطار جهودها للضغط على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو. ومع ذلك، تشير التقارير إلى مغادرة عدة ناقلات محملة بالنفط الخام من فنزويلا، مما يعكس تعقيد المشهد.

تأثير الإجراءات الأمريكية على أسعار النفط

تعتبر الإجراءات الأمريكية ضد فنزويلا، على الرغم من أن صادراتها تمثل أقل من 1% من الإمدادات العالمية، عاملاً مهماً في التأثير على معنويات السوق. تعتمد حكومة مادورو بشكل كبير على عائدات النفط، وتصف هذه الإجراءات بأنها تدخل سافر في شؤونها الداخلية.

التوترات الجيوسياسية ودورها في دعم الأسعار

بالإضافة إلى التوترات المتعلقة بفنزويلا، ساهمت التوترات الجيوسياسية الأخرى في دعم أسعار النفط. تشمل هذه التوترات التهديدات بضربات أمريكية محتملة ضد عمليات يُزعم أنها مرتبطة بالمخدرات في أمريكا اللاتينية، واستمرار الحرب في أوكرانيا. هذه العوامل مجتمعة ساعدت في وقف التراجع المستمر في أسعار النفط منذ منتصف يونيو.

ومع ذلك، لا يزال خام غرب تكساس الوسيط منخفضاً بنحو 19% هذا العام، ويتجه نحو تسجيل أكبر انخفاض سنوي منذ عام 2020، وذلك بسبب تجاوز المعروض للطلب.

وفقاً لـ ريبيكا ريد-سبيرين، وسيطة في مجموعة “SCB”، فإن حركة الأسعار الحالية تبدو أكثر عرضة لارتفاعات قصيرة الأجل بدلاً من صعود مستدام. وأضافت أن السوق لا يزال يتمتع بوفرة كافية من المعروض حتى النصف الأول من العام المقبل، حتى في حالة انخفاض حاد في صادرات فنزويلا.

تشير البيانات إلى أن مستشاري تداول السلع قاموا بتصفية مراكز البيع المكشوفة في خام غرب تكساس الوسيط، مما يشير إلى تحول في توقعات السوق.

تحديات تسليم النفط الروسي

في سياق متصل، تم تسليم شحنة من النفط الروسي من شركة “روسنفت” الخاضعة للعقوبات الأمريكية إلى محطة نفط صينية بعد أن أمضت ثلاثة أشهر في البحر. لا تزال عملية تسليم الشحنات الروسية تحدياً لموسكو، مع تراكم السفن قبالة سواحل الهند والصين بسبب العقوبات والقيود اللوجستية.

تعتبر أسعار النفط متأثرة أيضاً بعوامل أخرى مثل قرارات أوبك+ بشأن الإنتاج، والتطورات الاقتصادية العالمية، وتوقعات الطلب في الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم.

بالإضافة إلى ذلك، يشير تحليل سوق الطاقة إلى أن تقلبات أسعار الصرف، وخاصةً تقلبات سعر الدولار الأمريكي، يمكن أن تؤثر على أسعار النفط.

من الجدير بالذكر أن أحجام التداول المنخفضة قبيل عطلات ديسمبر تساهم في تقلبات سعرية مبالغ فيها، مما يجعل من الصعب التنبؤ باتجاهات الأسعار على المدى القصير.

من المتوقع أن يستمر المستثمرون في مراقبة التطورات الجيوسياسية، وقرارات أوبك+، والبيانات الاقتصادية العالمية، وتطورات الطلب في الصين، لتقييم مسار أسعار النفط في الأشهر المقبلة. يبقى التحدي الأكبر هو تحديد ما إذا كان الارتفاع الحالي في الأسعار سيكون مستداماً أم مجرد تصحيح مؤقت في ظل ظروف السوق الحالية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version