رفعت الحكومة التركية الحد الأدنى للأجور للعام المقبل بنسبة 27%، لتصل قيمته إلى 28,075 ليرة تركية (حوالي 655 دولارًا أمريكيًا)، في خطوة تهدف إلى تحقيق التوازن بين دعم العمال والسيطرة على التضخم المستمر. يأتي هذا القرار في ظل توقعات بانخفاض معدلات التضخم في تركيا خلال السنوات القادمة، مع استمرار جهود الحكومة لتهدئة الاقتصاد.

أعلن وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي، وداد إسحاقان، عن الزيادة الجديدة في أنقرة، مؤكدًا أنها تمثل استجابة لظروف المعيشة المتغيرة. ويستفيد من هذا القرار أكثر من ثلث القوى العاملة في تركيا، حيث يعتبر الحد الأدنى للأجور معيارًا رئيسيًا لتحديد الرواتب في القطاع الخاص.

تأثير الزيادة على الاقتصاد التركي ومكافحة التضخم

تأتي هذه الزيادة في وقت تواجه فيه تركيا تحديات اقتصادية كبيرة، أبرزها ارتفاع معدلات التضخم. ومع ذلك، يرى خبراء الاقتصاد أن الزيادة المعتدلة في الحد الأدنى للأجور تعكس التزام الحكومة بخفض التضخم، على عكس الزيادات الكبيرة التي سبقت الانتخابات الوطنية في عام 2023.

تتوقع وول ستريت انخفاض التضخم في تركيا إلى حوالي 25% بحلول نهاية عام 2026، مقارنة بمعدل 31.1% في نوفمبر الماضي، وفقًا لتقارير حديثة. ويرجع هذا التوقع إلى سياسات الحكومة الحالية التي تركز على تقييد الائتمان ورفع تكاليف الاقتراض.

مطالب النقابات العمالية وتأثيرها

قاطع اتحاد “تورك-إيش”، أكبر اتحاد عمالي في تركيا، اجتماعات لجنة الحد الأدنى للأجور هذا العام، مطالبًا بزيادة أكبر تعوض العمال عن التآكل السابق لقوة شرائهم بسبب التضخم. ويعتبر هذا الموقف تعبيرًا عن استياء العمال من عدم كفاية الزيادة الجديدة لتلبية احتياجاتهم المتزايدة.

في المقابل، ترى الحكومة أن الزيادة الحالية تمثل توازنًا ضروريًا بين حماية حقوق العمال والحفاظ على استقرار الاقتصاد. وتشير إلى أن الزيادات الكبيرة في الأجور قد تؤدي إلى زيادة الطلب المحلي وتفاقم مشكلة التضخم.

السياسات الاقتصادية الجديدة والسيطرة على الأسعار

منذ عام 2023، تبنت الحكومة التركية سياسات اقتصادية جديدة تهدف إلى تهدئة الطلب والسيطرة على الأسعار. وتشمل هذه السياسات تقييد الائتمان، ورفع تكاليف الاقتراض، وتشجيع الاستثمار الأجنبي.

بالإضافة إلى ذلك، يركز البنك المركزي التركي على خفض معدلات التضخم، حيث يهدف إلى الوصول إلى 5% بحلول نهاية عام 2026، مع هدف مرحلي بنسبة 16% حتى ذلك الحين.

ويتوقع وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، أن ينخفض التضخم إلى حوالي 31% بحلول نهاية العام الحالي. ومع ذلك، لا يزال هناك بعض التحديات التي تواجه جهود الحكومة، مثل ارتفاع أسعار الطاقة وتأثير الأوضاع الجيوسياسية على الاقتصاد.

الرواتب في تركيا لطالما كانت قضية حساسة سياسياً، وغالباً ما تستغلها المعارضة لانتقاد أداء الحكومة.

التضخم في تركيا، على الرغم من انخفاضه من ذروته البالغة 75% خلال العامين الماضيين، لا يزال مرتفعًا مقارنة بالأهداف الرسمية للبنك المركزي.

الوضع الاقتصادي في تركيا يتطلب متابعة دقيقة، حيث أن أي تغييرات في السياسات الاقتصادية أو الأوضاع العالمية قد تؤثر على معدلات التضخم والنمو الاقتصادي.

من المتوقع أن يواصل البنك المركزي التركي جهوده لخفض معدلات التضخم خلال الأشهر القادمة، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المتاحة. كما ستراقب الحكومة عن كثب تأثير الزيادة الجديدة في الحد الأدنى للأجور على الاقتصاد، وتقييم الحاجة إلى اتخاذ إجراءات إضافية إذا لزم الأمر. وستكون البيانات الاقتصادية الصادرة في الربع الأول من عام 2024 حاسمة في تحديد مسار السياسة الاقتصادية التركية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version