أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم عن إطلاق الليرة السورية الجديدة، والتي تتضمن حذف صفرين من العملة القديمة. يأتي هذا الإعلان بعد عام من التغييرات السياسية والاقتصادية الكبيرة في البلاد، بهدف تبسيط المعاملات التجارية وتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني. ومن المتوقع أن تبدأ عملية استبدال العملة في الأول من يناير 2026.

أكد الرئيس الشرع خلال حفل إطلاق العملة في دمشق أن هذه الخطوة تمثل بداية مرحلة جديدة للشعب السوري والمنطقة بأسرها. وأضاف أن تبديل العملة ليس مجرد إجراء مالي، بل هو رمز لتجاوز الماضي نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تهدف أيضًا إلى تقليل الاعتماد على الدولار في المعاملات اليومية.

عملة سورية جديدة لتعزيز الثقة بالنظام المالي

تأتي هذه الإصلاحات النقدية في وقت تشهد فيه الليرة السورية تدهورًا كبيرًا في قيمتها، حيث فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ عام 2011. وبحسب المصرف المركزي، فإن سعر الصرف الحالي يتراوح حول 11 ألف ليرة سورية مقابل الدولار الأمريكي، مقارنة بـ 50 ليرة قبل اندلاع الأزمة. يهدف إطلاق الليرة السورية الجديدة إلى معالجة هذه المشكلة وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.

أوضح حاكم مصرف سورية المركزي، عبد القادر الحصرية، أن عملية استبدال العملة ستتم وفقًا لمعيار محدد، حيث تعادل كل 100 ليرة قديمة ليرة سورية جديدة واحدة. وأشار إلى أن هذه العملية لن تؤثر على القيمة الحقيقية للعملة، بل ستسهل التعاملات اليومية وتخفض تكاليف الطباعة والتداول. كما أكد الحصرية أن عملية الاستبدال ستكون مجانية تمامًا، ولن يتم فرض أي رسوم أو ضرائب عليها.

تتميز الأوراق النقدية الجديدة بتصميمات تعكس الثروات الطبيعية والتراث الثقافي السوري. بدلاً من استخدام صور الآثار أو الشخصيات التاريخية، تتضمن التصميمات الجديدة رسومات للوردة الشامية، والتوت الشامي، والبرتقال، والقمح، والقطن، والزيتون، بالإضافة إلى صور لعناصر من البيئة والحياة البرية مثل الحصان العربي والريم وعصفور الدوري. يهدف هذا التغيير في التصميم إلى تعزيز الوحدة الوطنية وتجنب أي تمييز جغرافي أو مناطقي.

تفاصيل عملية استبدال العملة

أعلن المصرف المركزي عن تحديد 59 مؤسسة مالية تضم أكثر من 1500 فرع في جميع أنحاء سوريا كمراكز معتمدة لإجراء عمليات الاستبدال. وستبدأ العملية في الأول من يناير 2026، وتستمر لمدة 90 يومًا قابلة للتمديد بقرار من المصرف المركزي. في المرحلة الأولى، سيتم استبدال فئات الـ 1000، 2000، و 5000 ليرة سورية، بينما ستظل الفئات الأخرى متداولة حتى يتم تحديد موعد لاحق لاستبدالها.

خلال فترة الاستبدال، ستتعايش العملتان القديمة والجديدة جنبًا إلى جنب، وستتمتعان بنفس القوة الإبرائية القانونية. ويُطلب من جميع الجهات العامة والخاصة عرض الأسعار بالعملتين معًا، لضمان الشفافية وحماية المستهلك. كما سيتم تحديث جميع الأنظمة المحاسبية والمالية لتعكس القيمة الجديدة لليرة السورية.

أكد الحصرية أن إصدار الليرة السورية الجديدة لن يؤدي إلى زيادة في التضخم أو في المعروض النقدي. وأشار إلى أن المصرف المركزي سيصدر نشرات رسمية بأسعار الصرف بالعملتين لضمان وضوح التعاملات ومنع أي ممارسات احتكارية أو مضاربة. ويرى خبراء اقتصاديون أن نجاح هذه الخطوة يعتمد على قدرة المصرف المركزي على الحفاظ على استقرار سعر الصرف وتطبيق سياسات مالية ونقدية رشيدة.

بالإضافة إلى ذلك، يرى الرئيس الشرع أن تحسين الاقتصاد السوري يتطلب زيادة في معدلات الإنتاج وخفض معدلات البطالة. وأشار إلى أن القطاع المصرفي يلعب دورًا حيويًا في تحقيق هذه الأهداف، حيث يعتبر شريانًا رئيسيًا للاقتصاد الوطني. وتشير التقديرات إلى أن حجم النقد المصدر حاليًا يبلغ 42 تريليون ليرة سورية، بالإضافة إلى 13 مليار قطعة نقدية.

من المتوقع أن يراقب السوق عن كثب تأثير هذه الإصلاحات على الاقتصاد السوري، وخاصةً على أسعار السلع والخدمات، وعلى ثقة المستثمرين والمواطنين. وستكون الفترة القادمة حاسمة لتقييم مدى نجاح هذه الخطوة في تحقيق أهدافها المرجوة، وعلى رأسها استعادة الثقة في العملة السورية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version