تسببت عواصف قوية تجتاح السواحل الشرقية والغربية للولايات المتحدة، وتمتد إلى منطقة الغرب الأوسط، في تعطيل كبير لخطط السفر بعد عطلات نهاية العام. وتواجه المطارات والخطوط الجوية صعوبات جمة في التعامل مع حجم الإلغاءات والتأخيرات، مما أثر على آلاف المسافرين العائدين إلى منازلهم. وتعتبر هذه الاضطرابات في السفر في الولايات المتحدة تحدياً كبيراً في ذروة موسم العودة من الإجازات.

وقد تم إلغاء أكثر من 1600 رحلة جوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة حتى الساعة 1:30 ظهرًا بتوقيت نيويورك يوم أمس، وفقًا لبيانات موقع “فلايت أوير”. بالإضافة إلى ذلك، سجلت أكثر من 19 ألف رحلة تأخيرًا، مما يعكس مدى تأثير الظروف الجوية السيئة على حركة الطيران.

اضطرابات واسعة النطاق في المطارات الأمريكية

شهدت مطارات مدينة نيويورك الكبرى – لاغوارديا وجون إف كينيدي ونيوارك – اضطرابات كبيرة، مع توقعات بتساقط ما يصل إلى 23 سنتيمترًا من الثلوج في المناطق المحيطة. ولم تقتصر المشاكل على الساحل الشرقي، بل امتدت لتشمل مطارات ديترويت وفيلادلفيا وبوسطن، حيث تم الإبلاغ عن عمليات إلغاء وتأخير مماثلة.

وفي ولاية كاليفورنيا، أدت الأمطار الغزيرة والانهيارات الطينية والفيضانات إلى إغلاق العديد من الطرق، مما أثر على حركة المرور البرية. في الوقت نفسه، تواجه منطقة البحيرات العظمى تحديات تتعلق بتراكم الجليد، مما يزيد من صعوبة السفر.

اقرأ المزيد: الإغلاق الحكومي الأميركي يعمق فوضى السفر ويدفع لإلغاء مئات الرحلات

تأتي هذه الاضطرابات في وقت يشهد فيه قطاع السفر ذروة موسميته. وقد توقعت الرابطة الأمريكية للسيارات (AAA) أن يسافر عدد قياسي من الأمريكيين مسافة لا تقل عن 50 ميلاً من منازلهم خلال الفترة من 20 ديسمبر إلى الأول من يناير، بزيادة تقارب 2% مقارنة بالعام الماضي. هذا الارتفاع في أعداد المسافرين يزيد من الضغط على البنية التحتية للنقل.

تزايد الاعتماد على الطرق البرية

مع تزايد المخاوف بشأن الفيضانات والعواصف الثلجية، يتجه عدد أكبر من المسافرين إلى استخدام الطرق البرية بدلاً من الطيران. وتشير تقديرات الرابطة الأمريكية للسيارات إلى أن حوالي 109.5 مليون أمريكي من المتوقع أن يسافروا بالسيارات خلال العطلات، في حين أن عدد المسافرين جواً من المتوقع أن يصل إلى 8 ملايين.

وكانت شركة “جيت بلو إيرويز” هي الأكثر تضرراً من حيث إلغاء الرحلات، حيث ألغت 225 رحلة يوم أمس، وفقًا لـ “فلايت أوير”. تلتها شركة “دلتا إيرلاينز” بأكثر من 200 رحلة ملغاة. تعمل شركات الطيران على إعادة جدولة الرحلات المتأثرة، ولكن التحديات لا تزال كبيرة.

أصدرت “جيت بلو” بيانًا عبر البريد الإلكتروني أعلنت فيه عن إلغاء حوالي 350 رحلة بين يومي أمس واليوم، معظمها في شمال شرق البلاد. وأضافت الشركة أنها تعمل على مساعدة العملاء المتضررين في إعادة جدولة رحلاتهم.

تأثير ظاهرة “لا نينيا” على الطقس

تأتي هذه الأحوال الجوية القاسية في ظل عودة ظاهرة “لا نينيا”، وهي نمط مناخي يتميز بانخفاض درجة حرارة مياه المحيط الهادئ. يمكن أن تؤدي “لا نينيا” إلى تعطيل الاقتصادات والتسبب في كوارث حول العالم. يعتبر الخبراء أن هذه الظاهرة تساهم في زيادة حدة التقلبات الجوية خلال فصل الشتاء.

تكاليف الكوارث أزمة تلوح في أفق الاقتصاد الأميركي.. تفاصيل أكثر هنا

وقال مات روجرز، رئيس “كوموديتي ويذر غروب”: “تشتهر فصول الشتاء التي تشهد ظاهرة لا نينيا بتقلباتها الشديدة، ونحن نشهد بالتأكيد موجة كبيرة من ذلك خلال موسم العطلات الحالي. تواجه نماذج الطقس صعوبة في مواكبة جميع العناصر المتحركة والتقلبات في التوقعات”.

أصدرت مدينة نيويورك تحذيراً للسفر من مساء أمس وحتى اليوم السبت، بسبب درجات الحرارة المنخفضة التي تحد من ذوبان الثلوج، مما يزيد من خطر انزلاق المركبات. كما طُلب من سكان بنسلفانيا الاستعداد لانقطاعات محتملة في التيار الكهربائي بسبب الطقس الشتوي القاسي. وفي كاليفورنيا، أدت الفيضانات وأضرار العواصف إلى إغلاق عشرات الطرق في منطقة لوس أنجلوس وحدها.

على الرغم من أن الطقس الشتوي قد يؤدي إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء، مما يضغط على الإمدادات، إلا أن شبكات الكهرباء لا تظهر حتى الآن علامات إجهاد. ومع ذلك، تساهم درجات الحرارة الأبرد في دعم أسعار الغاز الطبيعي الأمريكي المستخدم في تدفئة المنازل، حيث ارتفعت العقود الآجلة بنسبة تصل إلى 3.4% يوم أمس.

توقعات إضافية

تشير التوقعات إلى أن مدينة نيويورك قد تشهد تساقطًا للثلوج يتراوح بين 13 و 23 سنتيمترًا بين الساعة 4 مساءً أمس وحتى الساعة 1 ظهرًا اليوم بالتوقيت المحلي. وقد امتد تحذير من عاصفة شتوية ليشمل شمال شرق نيوجيرسي ووادي هدسون وأجزاء من لونغ آيلاند وكونيتيكت.

اقرأ المزيد: كوارث المناخ تغذي قطاعاً متنامياً من الاقتصاد الأميركي

وفي كاليفورنيا، من المتوقع أن يتحرك نظام جوي أخير عبر الولاية، مما يهدد بحدوث فيضانات مفاجئة وانهيارات طينية. على الرغم من تخفيف بعض التحذيرات، لا تزال هناك إرشادات وعمليات مراقبة للفيضانات سارية المفعول في عدة مقاطعات.

طالع أيضاً: حرائق لوس أنجلوس تعصف بمبيعات التجزئة الأميركية في يناير

من المتوقع أن يستمر الطقس السيئ في التأثير على السفر في جميع أنحاء الولايات المتحدة خلال الساعات القادمة. يجب على المسافرين مراقبة تحديثات الطقس ومعلومات السفر، والتخطيط لاحتمال حدوث تأخيرات أو إلغاءات. ستكون الأيام القليلة القادمة حاسمة في تقييم الأثر الكامل لهذه العواصف على حركة النقل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version