تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا مع تشديد واشنطن الإجراءات ضد صادرات النفط الفنزويلية، بما في ذلك مصادرة ناقلات النفط وفرض عقوبات جديدة. تهدف هذه الإجراءات، بحسب مسؤولين أمريكيين، إلى وقف تدفق المخدرات غير المشروعة وإجبار الرئيس نيكولاس مادورو على التنحي عن السلطة، لكنها تثير تساؤلات حول مستقبل صناعة النفط الفنزويلي ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
تأتي هذه الخطوات في ظل تاريخ معقد من التدخل الأمريكي في فنزويلا، خاصة فيما يتعلق بصناعة النفط. فقبل تأميمها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت الشركات الأمريكية تهيمن على إنتاج النفط الفنزويلي. ويرى البعض أن هذه الخلفية تلعب دوراً في دوافع الإدارة الأمريكية الحالية، بينما تتهم فنزويلا واشنطن بالسعي إلى السيطرة على احتياطياتها النفطية الهائلة.
ما هي الإجراءات التي اتخذتها أمريكا للحد من صادرات النفط الفنزويلية؟
في العاشر من ديسمبر، اعترضت القوات الأمريكية ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا وصادرتها. تدعي الولايات المتحدة أن الناقلة كانت متورطة في تهريب النفط الإيراني، بينما نفت غيانا أي صلة لها بالسفينة. بالإضافة إلى ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على ست سفن أخرى تنقل النفط الفنزويلي، مما أدى إلى عزوف العديد من الناقلات عن العمل مع فنزويلا. وبلغ عدد ناقلات النفط التي فرضت عليها عقوبات أمريكية أكثر من 100 ناقلة، وذلك لارتباطها بتجارة النفط الفنزويلية أو تصنيفها ضمن قوائم العقوبات الدولية.
أعلنت الإدارة الأمريكية عن نيتها الاحتفاظ بالنفط الموجود على متن الناقلة المصادرة، وفرضت حصاراً على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات. يُعد النفط المصدر الرئيسي لإيرادات فنزويلا، وبالتالي فإن هذه الإجراءات تهدف إلى الضغط على حكومة مادورو.
إضافة إلى ذلك، نشرت الولايات المتحدة سفناً حربية وطائرات في المنطقة، وقامت بشن غارات جوية على قوارب صغيرة يُزعم أنها مرتبطة بتهريب المخدرات. وقد أدت هذه الغارات إلى سقوط قتلى وجرحى، وأثارت انتقادات واسعة النطاق.
تأثير العقوبات على صناعة النفط الفنزويلية
تشير بيانات تتبع السفن إلى أن فنزويلا كانت تشحن ما يقرب من 630 ألف برميل من النفط الخام يومياً في المتوسط هذا العام. ويُقدر أن الحصار الأمريكي قد يؤثر بشكل مباشر على حوالي 500 ألف برميل يومياً، مما يهدد بتعطيل كبير في إنتاج النفط.
وفقاً لمذكرة من “بلومبرغ إيكونوميكس”، فإن خطر المصادرة المتزايد يجعل مشغلي ناقلات النفط مترددين في المخاطرة بفقدان سفنهم. كما أن نقص النافتا المستوردة، وهي مادة ضرورية لتحويل النفط الفنزويلي الثقيل إلى مادة قابلة للتسويق، قد يجبر فنزويلا على إغلاق بعض آبار النفط.
تدهور صناعة النفط الفنزويلي يعود إلى عدة عوامل، بما في ذلك سياسات التأميم في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وسوء الإدارة، والفساد، والعقوبات الأمريكية. وقد انخفض إنتاج النفط الخام في فنزويلا بأكثر من 70% منذ ذروته في أواخر التسعينيات.
الوضع الحالي لإنتاج النفط الفنزويلي
على الرغم من التحديات، لا يزال النفط يمثل المصدر الرئيسي للدخل في فنزويلا، حيث يساهم بنسبة 95% من إيراداتها الخارجية. تحاول حكومة مادورو تنويع اقتصادها، لكنها تواجه صعوبات كبيرة في ذلك.
تعتبر فنزويلا حالياً في المرتبة 21 بين دول العالم المنتجة للنفط، ومن المتوقع أن تتجاوزها جارتها غيانا في السنوات القادمة. وتشارك شركات أجنبية مثل “شيفرون” و”ريبسول” و”إيني” في مشاريع النفط والغاز في فنزويلا، على الرغم من العقوبات الأمريكية.
الجهات المستوردة للنفط الفنزويلي
تعتبر الصين أكبر مستورد للنفط الخام الفنزويلي، حيث تستقبل معظم صادراتها. تستخدم الصين النفط الفنزويلي في مصافي التكرير المستقلة، والمعروفة باسم “مصافي الشاي”. كما أن الولايات المتحدة لا تزال تستورد بعض أنواع النفط الفنزويلي الثقيل، الذي تستخدمه في صناعة الأسفلت.
ماذا بعد؟
من المرجح أن تستمر الولايات المتحدة في الضغط على فنزويلا من خلال العقوبات والإجراءات الأخرى. ومع ذلك، فإن فعالية هذه الإجراءات محل جدل، حيث يرى البعض أنها تضر بالشعب الفنزويلي أكثر من الضرر بالحكومة. تشير التوقعات إلى أن واشنطن قد تدرس المزيد من الخيارات، بما في ذلك فرض عقوبات على المزيد من الشركات والأفراد المرتبطين بحكومة مادورو. يبقى مستقبل النفط الفنزويلي غير مؤكد، ويتوقف على التطورات السياسية والاقتصادية في البلاد والمنطقة.

