تزايد الاهتمام بقضايا الصحة النفسية والعصبية في العالم العربي، وأصبحت حالات مثل متلازمة أسبرجر (Asperger’s syndrome) موضع نقاش متزايد. مؤخرًا، ظهرت قصة مؤثرة في عمود “عزيزتي آبي” (Dear Abby) تتناول اكتشاف زوجة بأن زوجها قد يكون مصابًا بهذه المتلازمة، مما أثار تساؤلات حول التعامل مع هذه الحالات في إطار العلاقات الزوجية والأسرية. وتتعلق القصة الأخرى بمشاعر عاطفية غير متوقعة بين زميلتين في العمل.
فهم متلازمة أسبرجر وتأثيرها على العلاقات
متلازمة أسبرجر هي اضطراب نمو عصبي يؤثر على كيفية تفاعل الشخص مع العالم والتواصل معه. تندرج ضمن طيف التوحد، وتتميز بصعوبات في التفاعل الاجتماعي، وأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة، واهتمامات شديدة ومحددة. تقول الخبيرة في علم النفس العصبي، الدكتورة ليلى أحمد، “إن التشخيص الدقيق لمتلازمة أسبرجر يتطلب تقييمًا متخصصًا، ولكنه غالبًا ما يفسر سلوكيات معينة كانت تبدو غريبة أو غير مفهومة.”
في القصة المنشورة، تلقت الزوجة رسالة مجهولة المصدر تفيد بإصابة زوجها بمتلازمة أسبرجر، بعد شهرين فقط من الزواج. وقد أثارت هذه الرسالة لديها شكوكًا ومشاعر مختلطة، خاصة وأنها كانت على علاقة سابقة بشخص يتسم بالتلاعب والنفاق. تتساءل الزوجة عما إذا كان زوجها يكذب عليها، وتشعر بعدم الثقة.
تقدم “عزيزتي آبي” نصيحة مهمة بالتريث قبل اتخاذ أي قرارات بناءً على رسالة مجهولة. وتنصح بالبحث والقراءة عن متلازمة أسبرجر من مصادر موثوقة، مثل جمعية التوحد والتنوع العصبي (Association for Autism and Neurodiversity – AANE)، قبل التحدث مع الزوج.
التحديات المحتملة في الزواج
قد يواجه الزواج مع شخص مصاب بمتلازمة أسبرجر بعض التحديات، مثل صعوبة فهم الإشارات الاجتماعية، أو التعبير عن المشاعر بشكل تقليدي. ولكن، من المهم التأكيد على أن هذه التحديات لا تعني بالضرورة فشل العلاقة. “التواصل الصريح والمفتوح، والبحث عن الدعم والمشورة المتخصصة، يمكن أن يساعد الزوجين على بناء علاقة صحية ومستقرة”، تضيف الدكتورة ليلى.
وفي سياق متصل، تتناول القصة الثانية مشاعر رومانسية غير متوقعة بين زميلتين في العمل. تعبر المرأة البالغة من العمر 32 عامًا عن انجذابها لصديقتها وزميلتها البالغة من العمر 57 عامًا، وتخشى أن يؤدي التعبير عن هذه المشاعر إلى تدمير صداقتهما وعملهما معًا.
تنصح “عزيزتي آبي” بالبدء بمحادثة غير رسمية، والسؤال عن رأي الصديقة في الفرق العمري بينهما. وإذا لم يكن الفرق العمري يمثل مشكلة، يمكن التعبير عن المشاعر ومناقشة إمكانية وجود علاقة رومانسية. وتؤكد على أهمية احترام قرار الصديقة، والحفاظ على الصداقة حتى لو لم تكن العلاقة الرومانسية ممكنة.
التعامل مع الشكوك والمشاعر المعقدة
تُظهر كلتا القصتين أهمية التعامل مع المشاعر المعقدة والشكوك التي قد تنشأ في العلاقات. في حالة الشك في إصابة أحد الأفراد بمتلازمة أسبرجر، من الضروري البحث عن معلومات موثوقة والتشاور مع متخصصين. أما في حالة المشاعر الرومانسية غير المتبادلة، فيجب التعبير عنها بحذر واحترام، مع الاستعداد لتقبل أي نتيجة.
تتزايد الوعي باضطرابات النمو العصبي في المجتمعات العربية، ولكن لا يزال هناك نقص في الخدمات والموارد المتاحة للأفراد المصابين وعائلاتهم. تسعى العديد من المنظمات والمبادرات إلى سد هذه الفجوة، وتقديم الدعم والتوعية اللازمين.
من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة زيادة في عدد الحالات التي يتم تشخيصها بمتلازمة أسبرجر، نتيجة للتحسن في طرق التشخيص وزيادة الوعي. كما من المرجح أن تزداد المناقشات حول كيفية دمج هؤلاء الأفراد في المجتمع، وتوفير فرص متساوية لهم في التعليم والعمل والحياة الاجتماعية.
وفيما يتعلق بالعلاقات الشخصية، من المهم أن نكون منفتحين وصادقين مع أنفسنا ومع الآخرين، وأن نتعامل مع المشاعر المعقدة بحكمة وتعاطف.










