يدعو الكاتب الإسرائيلي بن درور يميني إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى، لأنه يرى أن استمرار القتال في غزة يشكل “عبئا إستراتيجيا خطيرا” على إسرائيل، ويعيق انخراطها الكامل في المواجهة الأهم ضد إيران، ويُفقدها الفرصة لتحقيق ما أسماه “نصرا إقليميا تاريخيا”.

ويعتبر يميني في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت أن الحرب في غزة تحولت إلى عبء يرهق الجيش ويضر بالمكانة السياسية لإسرائيل، مشددا على أن “الحكومة الإسرائيلية من خلال أفعالها وتصريحات مسؤوليها فعلت كل ما في وسعها للوصول بإسرائيل إلى أسوأ مستوى دبلوماسي في تاريخها”، في حين أن “المعركة الحقيقية” هي تلك التي تخوضها في مواجهة إيران.

ويقول: “نعرف أنه يجب وقف القتال في غزة. لقد أصبحت مجرد مصدر إزعاج. بعد أكثر من 20 شهرا، لا يوجد نصر مطلق في الأفق، وإنما روتين قاس ومرهق. وعلى الصعيد السياسي، نحن ننهزم بأنفسنا”.

تآكل الدعم الدولي

يرى الكاتب أن الدعم الغربي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران ما زال قائما، لكنه مهدد بالتآكل بفعل استمرار الحرب في غزة، والدمار الواسع الذي ألحقته بها، إضافة إلى “التصريحات المتهورة لوزراء الحكومة”.

ويتحدث يميني عما أسماه بالإعلانات المتفاخرة عن الهلاك والانتقام واستخدام المصطلح التوراتي (عماليق) لتبرير إبادة الفلسطينيين والتحجج بعدم وجود أبرياء بينهم، ويقول “لم تكن الدعاية المؤيدة لحماس لتصل إلى المستويات التي وصلت إليها في الغرب لولا هذه التصريحات الغبية والعنصرية والفاشية التي أصر الوزراء وأعضاء الكنيست والشخصيات العامة والصحفيون على استخدامها، وأدت إلى تقويض الدعم الدولي لإسرائيل”.

ويشير إلى أن حملة التضامن الدولي مع إسرائيل خلال الهجوم الإيراني على أراضيها أواخر أبريل/نيسان، التي تضمنت “رحلات نقل أسلحة ومساعدات غير مسبوقة من موانئ غربية، رغم خضوعها لنقابات يسارية معادية”، (على حد زعمه)، لم تكن أمرا بديهيا، وأن استمرار هذه المعونة يرتبط كثيرا بـ”الرأي العام الذي يتأثر سلبا بما يحدث في غزة”.

ويستشهد يميني بالصحفي البريطاني بيرس مورغان كمؤشر على تحول الرأي العام في الغرب، ويعتبر أن مورغان بدأ داعما لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنه “غيّر موقفه بعد التصريحات التحريضية لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي دعا إلى تدمير ما تبقى من غزة”.

ويصر الكاتب على أن سبب تغيير الغرب موقفه من إسرائيل هو المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الغزيين، وليس فقط تصريحات الوزراء المتطرفين، ويقول: “لم يكن كافيا أن تلاحق القادة والجنود الإسرائيليين محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية بتهم جرائم الحرب، بل أصر وزراؤنا على منح خصومنا الذخيرة، وإبعاد المتعاطفين عنا”.

ويضيف: “بعد الهجوم على إيران، عاد مورغان وأبدى تأييده لإسرائيل بناء على معطيات نووية وأمنية واضحة. لكن هذا الدعم مهدد، وهو السيناريو نفسه الذي حصل بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، حين فرطنا بدعم عالمي نادر بتصريحات انتقامية وغبية”.

التركيز على إيران

وينتقد الكاتب بشدة تصريحات وزراء في الحكومة الحالية، مثل وزير الطاقة إيلي كوهين ووزيرة المواصلات ميري ريغيف، الذين دعوا إلى إسقاط مبان في إيران أو “تطهيرها بالكامل”، مشيرا إلى أن هذه التصريحات تعطي الانطباع أن إسرائيل في “حرب انتقامية ضد الشعب الإيراني”، لا ضد نظام يشكل تهديدا نوويا.

ويعتبر أن “مثل هذه التصريحات تُحوّل الحرب على إيران إلى نسخة من حملة غزة”، وتساعد خصوم إسرائيل على تصويرها كدولة عدوانية، وتفقدها دعم الرأي العام الغربي، مما قد يؤدي إلى نجاح حملات شعبية تقودها نقابات العمال في أوروبا وأميركا للتوقف عن شحن الأسلحة والمعدات إلى إسرائيل.

ويضيف ساخرا: “ألا يكفي أن ماكرون بدأ يطالب بوقف ضرب البنى التحتية للطاقة في إيران؟”.

ويختم يميني مقاله بمناشدة صريحة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزرائه، قائلا: “إذا تبقى لديكم ذرة عقل، غادروا غزة. أطلقوا سراح الرهائن. هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يساعد إسرائيل على التركيز في الهدف الأساسي الذي هو إيران”.

ويشدد على أن “إسرائيل أهم بكثير من القاعدة اليمينية المتعطشة للدماء التي يغازلها الوزراء بتصريحاتهم”، مضيفا أن التصرفات الحالية “تُقوّض الجهد العسكري والسياسي”، وقد تعيد سيناريو فقدان الدعم كما حصل في بداية الحرب على غزة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version