قام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بزيارة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، بعد أيام من توقيع الحكومة وجماعة متمردي 23 مارس اتفاقًا إطاريًا لإنهاء القتال في شرق البلاد. وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود مكثفة لإحلال السلام في منطقة تعاني من عقود من الصراع، حيث لعبت قطر دورًا حاسمًا في الوساطة بين الأطراف المتنازعة.
استقبل الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي الأمير القطري في العاصمة كينشاسا، يوم الجمعة، بحضور عدد من المسؤولين. وتعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها لأمير قطر إلى الكونغو الديمقراطية، وهي تعكس أهمية العلاقات الثنائية والجهود القطرية المستمرة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
الوساطة القطرية في الكونغو الديمقراطية: نحو حل للأزمة
الاتفاق الإطاري هو أحدث سلسلة من الوثائق التي تم التوقيع عليها في الأشهر الأخيرة، بدعم من الولايات المتحدة وقطر، بهدف إنهاء عقود من القتال في شرق الكونغو الديمقراطية، والذي يمثل تهديدًا مستمرًا للاستقرار الإقليمي. وصفت كل من الولايات المتحدة وقطر الاتفاق بأنه خطوة مهمة نحو السلام، لكنهما أكدتا أنه لا يزال هناك طريق طويل للوصول إلى حل شامل ومستدام.
جاءت زيارة الشيخ تميم إلى الكونغو الديمقراطية بعد زيارته مباشرة إلى رواندا، حيث التقى بالرئيس بول كاجامي. يأتي ذلك في إطار المساعي القطرية لضمان دعم جميع الأطراف المعنية بعملية السلام، بما في ذلك رواندا التي تتهمها الكونغو بدعم جماعة 23 مارس.
توقيع بروتوكولات تعاون اقتصادية وسياسية
خلال الزيارة، وقعت قطر وجمهورية الكونغو الديمقراطية عددًا من البروتوكولات المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والسياسي. تهدف هذه البروتوكولات إلى تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وتحقيق التنمية المستدامة في الكونغو الديمقراطية، وفقًا لتصريحات مسؤول قطري.
أشار المفوض التجاري القطري في كينشاسا، شافي بن نعيمي الهاجري، إلى أن زيارة الأمير تميم تحمل أهمية خاصة للعلاقات الثنائية. وأضاف أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث افتتحت الكونغو الديمقراطية سفارة لها في الدوحة عام 2022، وافتتحت قطر مكتبها في كينشاسا في مايو 2025.
وشدد الهاجري على أن جهود قطر في الوساطة تهدف إلى تحقيق الاستقرار في شرق الكونغو الديمقراطية، ولعبت دورًا رئيسيًا في تعزيز الحوار بين الحكومتين الكونغولية والرواندية. وتعتبر قطر من بين الجهات الدولية الأكثر نشاطًا في السعي لإيجاد حلول سلمية للأزمات في أفريقيا.
على الرغم من هذه الجهود الدبلوماسية، لا يزال العنف مستمرًا في شرق الكونغو الديمقراطية. تتهم كل من الحكومة الكونغولية وجماعة 23 مارس الأخرى بانتهاك مبادئ الاتفاقات السابقة، وتأخير المحادثات عمدًا. بالإضافة إلى ذلك، لا تعالج المفاوضات المستمرة التهديد الذي تمثله العديد من الجماعات المسلحة الأخرى النشطة في المنطقة، مما يزيد من تعقيد الوضع.
يذكر أن جماعة 23 مارس سيطرت على مدينة غوما، أكبر مدن شرق الكونغو الديمقراطية، في يناير، واستمرت في تحقيق مكاسب في مقاطعتي شمال كيفو وجنوب كيفو، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. وقد أثار هذا الوضع قلقًا دوليًا واسعًا، ودعوات إلى إيجاد حل سريع وشامل للأزمة.
استضافت قطر عدة جولات من المحادثات المباشرة بين الحكومة الكونغولية وجماعة 23 مارس منذ شهر أبريل، لكن هذه المحادثات ركزت بشكل أساسي على الشروط المسبقة وتدابير بناء الثقة. في يوليو، اتفق الطرفان على إعلان مبادئ، لكن العديد من القضايا الرئيسية التي تكمن في صميم الصراع بقيت دون حل. وفي أكتوبر، توصلوا إلى اتفاق بشأن مراقبة وقف إطلاق النار المحتمل.
يُذكر أن اتفاق الدوحة في يوليو جاء بعد اتفاق سلام منفصل بين الكونغو ورواندا تم التوصل إليه في واشنطن في يونيو. ومع ذلك، لا تزال التحديات كبيرة، وهناك حاجة إلى المزيد من الجهود لضمان تنفيذ الاتفاقات والوصول إلى سلام دائم في المنطقة. ويتطلب ذلك التزامًا قويًا من جميع الأطراف المعنية، ودعمًا دوليًا مستمرًا.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية القطرية والأمريكية في الأسابيع والأشهر القادمة، بهدف تحقيق تقدم ملموس في عملية السلام. وتشمل الخطوات التالية المتوقعة، بدء محادثات حول تفكيك 23 مارس واندماج مقاتليها في الجيش الكونغولي.يبقى الوضع في شرق الكونغو الديمقراطية هشًا، ويتطلب مراقبة دقيقة وتنسيقًا دوليًا فعالًا لمنع تجدد العنف، وتحقيق الاستقرار الإقليمي.










