شنّت رئيسة مكافحة الاحتكار في أوروبا، تيريزا ريبيرا، هجوماً حاداً على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، متهمةً واشنطن بممارسة “الابتزاز” للضغط على الاتحاد الأوروبي لتخفيف قواعده المتعلقة بالتكنولوجيا. يأتي هذا التصعيد في خضم مفاوضات تجارية حساسة، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تعديل الاتفاقيات التجارية القائمة مقابل تغييرات في التشريعات الرقمية الأوروبية.

وصفت ريبيرا، نائبة الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، هذه الضغوط بأنها غير مقبولة، مؤكدةً أن القواعد الرقمية الأوروبية هي مسألة سيادة ولا يجب أن تكون جزءاً من المساومة التجارية. وأكدت أن الاتحاد الأوروبي يحترم القواعد التي تفرضها الولايات المتحدة على أسواقها، ويتوقع بالمثل احترام سيادته في تنظيم أسواقه الرقمية.

قانون الأسواق الرقمية في مرمى النيران

تتركز الخلافات الرئيسية حول قانون الأسواق الرقمية الجديد في الاتحاد الأوروبي، والذي يهدف إلى تنظيم عمالقة التكنولوجيا وضمان المنافسة العادلة. تعتبر واشنطن أن هذا القانون تمييزي، حيث يستهدف بشكل أساسي شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى مثل مايكروسوفت وجوجل وأمازون.

بالإضافة إلى ذلك، تعترض الولايات المتحدة على قانون الخدمات الرقمية، الذي يسعى إلى الحد من المحتوى غير القانوني على الإنترنت، معتبرةً أنه قد يقيد حرية التعبير. وتشير التقارير إلى أن إدارة ترمب تسعى إلى مراجعة اتفاقية التجارة المبرمة مع الاتحاد الأوروبي في يوليو الماضي، وربط ذلك بإعادة النظر في القواعد الرقمية.

تصاعد الضغوط والمفاوضات الحساسة

أكد وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك في بروكسل أن الولايات المتحدة قد تعدل نهجها بشأن رسوم الصلب والألومنيوم إذا أعاد الاتحاد الأوروبي النظر في قواعده الرقمية. فسر مسؤولون أوروبيون هذا التصريح على أنه محاولة لربط قضايا تجارية منفصلة بالتشريعات الرقمية.

في المقابل، قدم الاتحاد الأوروبي حزمة تبسيط تشريعية، بما في ذلك مقترحات للحد من البيروقراطية، في محاولة لمعالجة مخاوف شركات التكنولوجيا الأميركية. ومع ذلك، يرى البعض أن هذه الخطوة قد تكون محاولة لتهدئة التوترات دون تقديم تنازلات جوهرية.

على الرغم من الموقف الحازم لريبيرا، بدأت تظهر بعض الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن قانون الأسواق الرقمية. أعربت كاترينا رايش، من ألمانيا، عن تأييدها لتخفيف بعض القواعد الرقمية، مشيرةً إلى أن ألمانيا تسعى إلى لعب دور أكبر في العالم الرقمي.

تأتي هذه الضغوط في سياق عالمي أوسع، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى إضعاف القوانين الرقمية في مختلف الدول. وتشمل هذه الجهود محاولات للحد من سلطة الجهات التنظيمية الأجنبية على شركات التكنولوجيا الأميركية.

تداعيات محتملة وتوقعات مستقبلية

تعتبر هذه الخلافات جزءاً من صراع أوسع حول تنظيم التكنولوجيا والمنافسة في السوق الرقمية العالمية. تعتبر التكنولوجيا قطاعاً استراتيجياً، وتسعى كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى حماية مصالحهما وتعزيز قدراتهما التنافسية. كما أن التجارة الرقمية أصبحت عنصراً حاسماً في العلاقات الاقتصادية الدولية.

من المتوقع أن تستمر المفاوضات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الأسابيع القادمة. من غير الواضح ما إذا كان الطرفان سيتمكنان من التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين. سيكون من المهم مراقبة تطورات هذه المفاوضات، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على مستقبل تنظيم التكنولوجيا والمنافسة في السوق الرقمية العالمية.

في الوقت الحالي، لا يوجد جدول زمني محدد للتوصل إلى اتفاق. ومع ذلك، من المتوقع أن يركز الاتحاد الأوروبي على الحفاظ على سيادته في تنظيم أسواقه الرقمية، بينما ستسعى الولايات المتحدة إلى حماية مصالح شركات التكنولوجيا الأميركية. ستكون النتيجة النهائية لهذه المفاوضات حاسمة لمستقبل العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version