ألغت الولايات المتحدة اجتماعات كانت مقررة في واشنطن مع قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل، وذلك بعد اعتراضها على بيان رسمي صادر عن الجيش اللبناني الأحد، بشأن التوترات الحدودية المستمرة مع إسرائيل. يأتي هذا الإجراء في وقت حرج، حيث يعتمد الجيش اللبناني بشكل كبير على الدعم الأمريكي، ويثير تساؤلات حول مستقبل التعاون الأمني بين البلدين.
أفاد مسؤولون لبنانيون مطلعون أن الإلغاء كان “مفاجئاً وصادماً”، مما دفع العماد هيكل إلى إلغاء زيارته المقررة إلى واشنطن. كان من المتوقع أن يناقش هيكل خلال الاجتماعات المقررة قضايا تتعلق بالمساعدات العسكرية والجهود المبذولة لتعزيز الأمن على الحدود الجنوبية للبنان.
الخلاف حول الحدود والسيادة اللبنانية
يعود سبب الخلاف إلى بيان صادر عن الجيش اللبناني الأحد، اتهم فيه إسرائيل بـ “انتهاك السيادة اللبنانية” وزعزعة الاستقرار في الجنوب. وأعرب الجيش اللبناني عن استنكاره لاستهداف دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).
وفقًا للجيش اللبناني، فإن إسرائيل تحتل خمسة مواقع داخل الأراضي اللبنانية وتنفذ غارات جوية متكررة في جنوب البلاد. وتتعلق هذه القضية بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي تم التوصل إليه بعد حرب عام 2006، ويهدف إلى وضع حد للقتال بين إسرائيل وحزب الله.
التزام لبنان بتطبيق قرار 1701
ينص قرار مجلس الأمن 1701 على نزع سلاح حزب الله من جنوب لبنان، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من الأراضي اللبنانية. ويُلزم القرار الجيش اللبناني بتوسيع سيطرته على الجنوب، ومصادرة “جميع الأسلحة غير المصرح بها”.
لكن حزب الله يؤكد أن هذا الالتزام ينطبق فقط على المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني. في المقابل، تتهم إسرائيل الحزب بمحاولة إعادة التسلح، بينما تتهم الحكومة اللبنانية إسرائيل بعدم الوفاء بالتزاماتها بالانسحاب الكامل والاستمرار في الغارات الجوية.
وعبرت السيناتور الأمريكية جوني إرنست عن “خيبة أملها” من موقف الجيش اللبناني، مما يشير إلى مخاوف متزايدة في الكونجرس الأمريكي بشأن التزام لبنان بتطبيق قرار 1701 وضمان الاستقرار في المنطقة. الجيش اللبناني يعتبر شريكًا رئيسيًا للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن الإقليمي.
شكوى لبنانية إلى مجلس الأمن
في سياق متصل، أعلنت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس جوزاف عون طلب من وزير الخارجية يوسف رجي تقديم “شكوى عاجلة” إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، بسبب بناء “جدار إسمنتي” على الحدود الجنوبية يتعدى “الخط الأزرق”.
تستند الشكوى إلى تقارير الأمم المتحدة التي تثبت أن الجدار الخرساني الذي بنته إسرائيل يمنع السكان الجنوبيين من الوصول إلى مساحات واسعة من الأراضي اللبنانية، تقدر بأكثر من 4 آلاف متر مربع. وتعتبر الرئاسة اللبنانية أن بناء هذا الجدار يمثل انتهاكًا لقرار مجلس الأمن 1701 ولـالسيادة اللبنانية.
يذكر أن “الخط الأزرق” هو خط فاصل حدده الأمم المتحدة بعد انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000. الحدود اللبنانية الإسرائيلية تشكل نقطة اشتعال دائمة تتطلب حلاً دبلوماسيًا لضمان الاستقرار.
الولايات المتحدة قدمت أكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات للجيش اللبناني على مدى العشرين عامًا الماضية، في محاولة لدعم مؤسسات الدولة في مواجهة النفوذ المتزايد لحزب الله المدعوم من إيران. وعلى الرغم من هذا الدعم الكبير، فإن التوترات الأخيرة قد تلقي بظلال من الشك على مستقبل العلاقات الأمريكية اللبنانية.
من المتوقع أن تراجع الولايات المتحدة سياساتها تجاه لبنان في ضوء هذه التطورات، مع التركيز على مدى التزام الجيش اللبناني بتطبيق قرار 1701 ومنع حزب الله من إعادة التسلح. يبقى من غير الواضح ما إذا كان الإلغاء المؤقت للاجتماعات سيؤدي إلى تجميد المساعدات الأمريكية بشكل كامل، ولكن الوضع يستدعي مراقبة دقيقة لردود الأفعال الرسمية والمزيد من التطورات على الأرض.










