أعلنت السلطات في ميانمار في أكتوبر أنها ستعمل على “القضاء” بشكل كامل على عمليات الاحتيال القسري داخل حدودها، وذلك بعد مداهمة مجمع “كي كي بارك” سيئ السمعة. ومع ذلك، فإن صور الأقمار الصناعية التي تم إصدارها حديثًا للمجمع، تكشف أن المباني التي تم تدميرها خلال المداهمات الأولية اقتصرت على قسم محدود فقط من المجمع. يرى خبراء في مجال هذه المجمعات أن هذا الجهد بأكمله من المرجح أن يكون “مجرد دعاية”.
مجمع “كي كي بارك” للاحتيال: تدمير محدود يثير الشكوك
تظهر صور عالية الدقة لمجمع “كي كي بارك” للاحتيال، الواقع بالقرب من الحدود بين ميانمار وتايلاند، أن القوات العسكرية قد قامت بتدمير العديد من المباني وتحويلها إلى أكوام من الأنقاض. ومع ذلك، تشير الصور إلى أن الدمار يقتصر حتى الآن على الجانب الشرقي من المجمع الضخم، بينما بقيت مئات المباني عبر المجمع الشاسع دون أن تمس.
يقول خبراء متعددون لـ WIRED إن المداهمات في “كي كي بارك” وبعض مجمعات الاحتيال الأخرى من المرجح أنها جزء من جهد “شكلي” أوسع من قبل الحكومة العسكرية في ميانمار، التي تعرضت لضغوط متزايدة لمعالجة المجمعات المربحة للغاية التي ازدهرت في السنوات الأخيرة. كما يثيرون مخاوف بشأن رفاهية الآلاف من الأشخاص الذين أجبروا على تنفيذ عمليات الاحتيال في “كي كي بارك”.
التحليل الأولي للصور الفضائية
يقول إريك هاينتز، المحلل العالمي في منظمة “المهمة الدولية للعدالة”، وهي منظمة مناهضة للعبودية: “تحاول الحكومة العسكرية أن تبدو وكأنها تقوم بتفكيك المجمع بأكمله، والصور التي رأيناها حتى الآن تقتصر على قسم واحد فقط”. وأضاف: “من المهم الاستمرار في مراقبة هذا الأمر للتحقق مما يفعلونه بالفعل، ومعرفة ما إذا كان هذا مجرد عرض أم أنهم يقومون حقًا بمعالجة المشكلة الحقيقية.”
تظهر الصور التي التقطت في 16 نوفمبر أن بعض المباني الواقعة حول الساحات قد دمرت بالكامل تقريبًا، مع تناثر الحطام حول المباني الأخرى. يشير هاينتز إلى أن الصور، بالإضافة إلى لقطات إضافية على وسائل التواصل الاجتماعي، تشير إلى أن بعض “الفيلات” والسكنات التي ربما كان يتم فيها احتجاز ضحايا الاتجار قد تضررت أو دمرت. (قالت الحكومة العسكرية في ميانمار إن المزيد من التدمير بدأ في 17 نوفمبر؛ تشير تقارير من جهات خارجية أيضًا إلى تدمير المزيد من المباني).
في المقابل، تؤكد ميشيل بي مور، الرئيس التنفيذي لمنظمة “Global Alms Incorporated” غير الربحية لمكافحة الاتجار بالبشر، والتي تتخذ من تايلاند مقراً لها وتعمل على مساعدة الأشخاص الذين تم تهريبهم إلى مجمعات الاحتيال في ميانمار، أن “جميع المباني الهامة التي تحتاجها لتنفيذ عمليات الاحتيال لا تزال سليمة وجاهزة للاستخدام”. وأضافت: “إنهم يقدمون عرضًا جيدًا للإيحاء بأنهم لا يدعمون مجمعات الاحتيال أو الاتجار بالبشر. لكن ما سمحوا به هو أن جميع رؤساء عصابات الاحتيال والمشرفين عليها قد سُمح لهم بالفرار”.
انتشار مجمعات الاحتيال في جنوب شرق آسيا
على مدى العقد الماضي، ظهرت العشرات من مجمعات الاحتيال في جنوب شرق آسيا، وخاصة في ميانمار وكمبوديا ولاوس. غالبًا ما يتم تشغيل هذه المجمعات من قبل أو بالارتباط مع مجموعات الجريمة المنظمة الصينية، وتقوم بخداع الأشخاص للعمل فيها – غالبًا من خلال تقديم وظائف ذات رواتب عالية – ثم تجبرهم على تنفيذ مجموعة متنوعة من عمليات الاحتيال. غالبًا ما يتم أخذ جوازات سفر ضحايا الاتجار؛ ويمكن تعذيبهم أو ضربهم إذا رفضوا الاحتيال. من خلال سرقة الأموال من الناس في جميع أنحاء العالم، حققت هذه المجمعات مليارات الدولارات لمجموعات الجريمة المنظمة.
وسط هذه الجرائم الواسعة النطاق، برز “كي كي بارك” كواحد من أكبر وأشهر مجمعات الاحتيال في ميانمار. قبل خمس سنوات، كان الموقع عبارة عن سلسلة من الحقول بالقرب من مدينة مايادي، ولكنه تحول منذ ذلك الحين إلى مجمع واسع النطاق يضم مئات المباني وآلاف الأشخاص المحتجزين فيه. تعتبر هذه المجمعات بؤرًا للاتجار بالبشر وتهديدًا للأمن الإقليمي.
تأثير عمليات الاحتيال على الضحايا والمجتمع
تتسبب عمليات الاحتيال هذه في خسائر مالية فادحة للضحايا حول العالم، بالإضافة إلى الأضرار النفسية والعاطفية التي يتعرضون لها. كما أنها تساهم في تقويض الثقة في الأنظمة المالية والاقتصادية. تتطلب معالجة هذه المشكلة تعاونًا دوليًا وجهودًا متضافرة لمكافحة الجريمة المنظمة وحماية الضحايا.
تعتبر عمليات الاحتيال عبر الإنترنت، بما في ذلك تلك التي تتم في مجمعات مثل “كي كي بارك”، تهديدًا متزايدًا يتطلب استجابة فعالة. يجب على الحكومات ووكالات إنفاذ القانون والمنظمات غير الحكومية العمل معًا لتعطيل هذه الشبكات الإجرامية وتقديم الجناة إلى العدالة.
من المتوقع أن تقوم الحكومة الميانمارية بتقديم تقرير مفصل عن نتائج المداهمات في “كي كي بارك” بحلول نهاية الشهر. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المداهمات ستؤدي إلى تفكيك المجمع بالكامل أو مجرد تحسين صورته العامة. سيكون من المهم مراقبة الوضع عن كثب لتقييم فعالية جهود الحكومة في مكافحة الاحتيال والاتجار بالبشر.










