تتصاعد التوترات في منطقة البحر الكاريبي مع دعم إيران المستمر للنظام الاستبدادي في فنزويلا بقيادة نيكولاس مادورو، بالتزامن مع زيادة الضغط العسكري من قبل إدارة ترامب على الشبكات الإجرامية المرتبطة بالحكومة الفنزويلية. هذا الدعم الإيراني، الذي تجسد في إدانة الإجراءات الأمريكية الأخيرة، يثير مخاوف بشأن التوسع الإقليمي للنفوذ الإيراني واستغلال فنزويلا كمركز للأنشطة غير المشروعة، بما في ذلك تهريب المخدرات. ويأتي هذا في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات متزايدة فيما يتعلق بالأمن القومي.

العلاقات بين فنزويلا وإيران: دعم متبادل في ظل الضغوط

في بداية هذا الأسبوع، أدانت وزارة الخارجية الإيرانية الإجراءات الأمريكية، وربطت نفسها علنًا بمادورو. وحذرت المتحدثة باسم الوزارة، إسماعيل باقائي، من “تداعيات خطيرة” للنشاط العسكري الأمريكي في المنطقة، مشيرةً إلى أنه يهدد “السلام والأمن الدوليين”، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

وزير الخارجية الفنزويلي، إيفان خيل بينتو، رحب على الفور بدعم طهران. وأعرب عن شكره لإيران على “تضامنها مع الشعب الفنزويلي”، وفقًا لتقارير صحيفة طهران تايمز. هذا التبادل العلني للدعم يشير إلى شراكة استراتيجية أعمق بين البلدين، تتجاوز مجرد العلاقات الدبلوماسية.

ويقول محللون إن هذه العلاقة ليست مجرد دعم متبادل، بل هي شراكة مبنية على مصالح مشتركة، بما في ذلك تحدي النفوذ الأمريكي في المنطقة وتسهيل الأنشطة الإجرامية. وتأتي هذه التطورات بعد فترة من العقوبات الاقتصادية المشددة من قبل الولايات المتحدة على فنزويلا.

وجهة نظر سابقة من الدبلوماسيين الفنزويليين

إيسائاس ميدينا الثالث، وهو دبلوماسي فنزويلي سابق في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة استقال في عام 2017 بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها مادورو، صرح بأن “شراكة إيران مع الديكتاتورية الفنزويلية الخارجة عن القانون ليست موقفًا مبدئيًا للدفاع عن ‘الحقوق السيادية’ بموجب ميثاق الأمم المتحدة”. وأضاف أن الأمر يتعلق باستراتيجية محسوبة تخدم المصالح المتبادلة في المشاريع الإجرامية والحرب غير المتكافئة، وتشكل تهديدًا مباشرًا ومتطورًا للأمن القومي الأمريكي.

وأشار ميدينا إلى أن “هذه شراكة من أجل السلطة، وليست من أجل المبادئ. تركيز إيران ينصب على تعميق التعاون العسكري والجنائي والاستخباراتي الذي يتجاهل بشكل صارخ الأعراف الدولية.”

وفي سياق منفصل، لم يستبعد الرئيس دونالد ترامب احتمال نشر القوات الأمريكية في فنزويلا. وقال للصحفيين: “لا أستبعد ذلك، لا أستبعد أي شيء. يجب علينا ببساطة أن نعتني بفنزويلا. لقد قاموا بإلقاء مئات الآلاف من الأشخاص من السجون في بلدنا.”

صعود تهريب الكوكايين ودور حزب الله

تتزايد الأدلة التي تشير إلى تورط حزب الله وإيران في استغلال فنزويلا كمركز لغسيل أموال الكوكايين. هذا يمثل تهديدًا متزايدًا للأمن الإقليمي والدولي، حيث تستخدم عائدات المخدرات لتمويل الأنشطة الإرهابية. وقد حذرت السلطات الأمريكية من أن فنزويلا أصبحت طريقًا رئيسيًا لتهريب الكوكايين إلى الولايات المتحدة.

ويرى داني سيتريونوفيتش، وهو زميل باحث في معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل، أن الدفاع العلني الإيراني عن فنزويلا يعكس قلقًا استراتيجيًا عميقًا داخل طهران. وأوضح أن “إيران قلقة للغاية بشأن فقدان مركزها الرئيسي في أمريكا اللاتينية”. وأضاف أن “فقدان مادورو سيكون خسارة استراتيجية لإيران، لأن فنزويلا هي مركز استراتيجي، ليس فقط للنشاط في فنزويلا نفسها، ولكن أيضًا للنشاط في أمريكا اللاتينية بشكل عام.”

وأشار سيتريونوفيتش إلى محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في المكسيك مؤخرًا، والتي ربطتها السلطات المكسيكية بعناصر مرتبطة فيلق القدس الإيراني. ووفقًا له، فإن هذه العملية توضح كيف تستخدم إيران الأراضي الفنزويلية كمنصة انطلاق. وأضاف أن “إيران تستخدم وجودها في فنزويلا، وخاصة وجود فيلق القدس، من أجل جمع الأشخاص المناسبين الذين حاولوا بالفعل ارتكاب هذا الهجوم.” وأكد أن هذا مثال واحد من بين العديد من الطرق التي تستخدم بها إيران وجودها في فنزويلا للوصول إلى جميع أنحاء القارة اللاتينية.

وبعد الانتخابات الأخيرة في بوليفيا، فقدت إيران حليفًا قديمًا في المنطقة. ومع ذلك، لا تزال فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا من بين شركائها الرئيسيين، لكن سيتريونوفيتش يرى أن “فنزويلا كانت تاريخيًا الأهم لأنها منحتهم مساحة كافية للعمل”.

وبشأن المساعدة الإيرانية المباشرة للجيش الفنزويلي، قال سيتريونوفيتش: “لديهم مستشارون على الأرض. يمكنهم مساعدة الجيش الفنزويلي، ويمكنهم أيضًا إرسال أسلحة عبر رحلات شركة Qeshm Fars Air الجوية من طهران إلى كاراكاس. فعلوا ذلك في الماضي، ويمكنهم فعل ذلك حتى اليوم.”

أدانت منظمة “الأسر الأمريكية ضد إرهاب الكارتلات” (AmFACT) قرار وزارة الخارجية الأمريكية بتصنيف “كارتل دي لوس سوليس” الفنزويلي كمنظمة إرهابية أجنبية. ودعت أدريانا جونز، رئيسة المنظمة، إلى توسيع نطاق هذا التصنيف ليشمل كارتل خواريز وجناحه المسلح “لا لينا”، مشيرةً إلى أن عدم القيام بذلك يسمح لهم بالعمل دون رقابة ويزيد من احتمالية تكرار المآسي التي عانت منها عائلات أمريكية.

ومنذ سبتمبر، نفذت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 21 ضربة قاتلة ضد قوارب يُزعم أنها متورطة في تهريب المخدرات قبالة سواحل أمريكا الوسطى والجنوبية، كجزء من حملة واسعة النطاق لتعطيل طرق التهريب البحرية المرتبطة بالشبكات الإجرامية الفنزويلية.

من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في ممارسة الضغط على النظام الفنزويلي، مع التركيز على مكافحة تهريب المخدرات وتمويل الإرهاب. ومع ذلك، فإن مستقبل العلاقات بين فنزويلا وإيران يظل غير مؤكد، ويعتمد على التطورات السياسية والأمنية في كل من البلدين والمنطقة. يجب مراقبة رد فعل إيران على الإجراءات الأمريكية، وتقييم تأثير العقوبات على قدرة النظام الفنزويلي على الاستمرار، وتحديد ما إذا كانت هناك أي تغييرات في السياسات الإقليمية التي قد تؤثر على هذه العلاقة المعقدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version