أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اهتمامه بخطة السلام التي قدمها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كنقطة انطلاق للمفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من أربع سنوات بين أوكرانيا وروسيا. يأتي هذا في وقت تشتد فيه الحرب وتتزايد الدعوات الدولية إلى حل سياسي، مع التركيز على إمكانية وجود دور لخطة ترامب في تحقيق السلام في أوكرانيا.
خطة ترامب للسلام في أوكرانيا: نظرة جديدة من موسكو
قال بوتين، في مؤتمر صحفي في نهاية زيارته التي استمرت ثلاثة أيام إلى قيرغيزستان، وفقًا لما ذكرته وكالة أسوشيتد برس، “نحن بحاجة إلى الجلوس ومناقشة هذا الأمر بجدية”. وأضاف أن “كل كلمة مهمة”. ووصفت موسكو خطة ترامب بأنها “مجموعة من القضايا المطروحة للنقاش” وليست اتفاقية مسودة نهائية.
يأتي هذا الإعلان الروسي بعد تحذيرات سابقة من أن موسكو قد ترفض أي خطة سلام بين الولايات المتحدة وأوكرانيا إذا لم تحترم “التفاهمات” التي أبرمت خلال قمة ألاسكا. ويشكل هذا الموقف تحديًا إضافيًا لجهود السلام.
شروط روسيا لإنهاء القتال
أكد بوتين أن وقف القتال سيعتمد بشكل مباشر على انسحاب القوات الأوكرانية من جميع الأراضي التي تحتلها. واوضح أنه إذا لم يتم الانسحاب، فإن روسيا ستسعى لتحقيق أهدافها بالقوة. يشمل ذلك مطالبة روسيا بالسيطرة الكاملة على مناطق دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابوريجيا الأوكرانية، بالإضافة إلى منع انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومنع تواجد أي قوات غربية في البلاد.
في المقابل، يرى بعض المراقبين أن هذه الشروط روسية مسبقة وغرضها تعزيز مواقفها التفاوضية، أو حتى عرقلة أي محادثات جادة.
من جانبه، صرح النائب الجمهوري عن ولاية كنتاكي، آندي بار، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، أن هذا الوضع يعزز الحاجة إلى قيادة أمريكية قوية. وأضاف أن “روسيا غزت أوكرانيا لأن الرئيس جو بايدن كان أضعف رئيس في تاريخ الولايات المتحدة”. وتابع أن “قيادة الرئيس ترامب القائمة على القوة والسلام أبقت بوتين تحت السيطرة كاملة، وأن هذه الحرب لم تكن لتحدث تحت إشرافه.”
بيد أن منتقدي بوتين يرون أن هذا الإعراب عن الاهتمام هو محاولة لخداع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فقد صرح غاري كاسباروف، بطل الشطرنج السابق والمعروف بانتقاده الشديد لبوتين، لقناة TVP البولندية أن “السلام مع بوتين غير ممكن لسبب بسيط: بوتين هو الحرب، وروسيا تستعد لمزيد من الحروب”.
كما انتقد كاسباروف حلف الناتو وترامب والاتحاد الأوروبي لفشلهم في الدفاع عن أوكرانيا وإخراج روسيا من كامل أراضيها. وكرر تأكيده على أن “أوكرانيا تستحق كل الدعم.”
توقعات محدودة وتحركات دبلوماسية
لم يصدر حتى الآن الكثير من التصريحات من المسؤولين الروس بشأن خطة السلام التي طرحها ترامب الأسبوع الماضي. يُذكر أن بوتين كان متخوفًا من قبول خطط ترامب السابقة لإنهاء الحرب. وتتعارض شروط بوتين المعلنة مع التصورات الحالية للحلول الممكنة للصراع.
ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف سيزور موسكو الأسبوع المقبل، بينما قد يتوجه وزير الجيش الأمريكي دان دريسكول، الذي لعب دورًا بارزًا في جهود السلام في الأسابيع الأخيرة، إلى كييف. هذه التحركات الدبلوماسية تأتي في ظل ضغوط متزايدة لتحقيق تقدم في المفاوضات.
في الوقت نفسه، شككت مؤسسة الدراسات الاستراتيجية والعسكرية في تقرير لها يوم الأربعاء في الادعاءات الروسية بأن غزوها “لا يمكن إيقافه”، مشيرة إلى أن القوات الروسية لا تزال تكافح للاستيلاء على المدن في منطقة دونيتسك الشرقية. وذكرت المؤسسة أن التقدم الروسي الأخير كان “انتهازيًا” واستغل الظروف الجوية الموسمية.
من المتوقع أن تتضمن المناقشات القادمة بين المسؤولين الأمريكيين والروس والأوكرانيين بحثًا مفصلًا لخطة ترامب، بالإضافة إلى استكشاف سبل لتهدئة التوتر وتقريب وجهات النظر. يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستؤدي إلى نتائج ملموسة، ولكنها تمثل خطوة مهمة نحو إيجاد حل سلمي للأزمة. التطورات المستقبلية تعتمد على مدى استعداد الأطراف المعنية لتقديم تنازلات والسعي إلى حلول وسط. القضايا المتعلقة بالأمن الإقليمي، والسيادة الأوكرانية، وتحديد مناطق النفوذ ستكون على رأس جدول الأعمال.










