يشهد المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة جدلاً متصاعداً حول استخدام اسم المفكر البولندي اليهودي رافائيل ليمكين، صانع مصطلح “الإبادة الجماعية” (Genocide)، من قبل معهد ليمكين للوقاية من الإبادة الجماعية. يتهم المعارضون المعهد بتشويه إرث ليمكين من خلال اتهام إسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية، خاصةً بعد أحداث 7 أكتوبر. هذا الاتهام أثار قلقاً واسعاً بين الحاخامات البارزين وعائلة ليمكين نفسها.
الخلاف حول تعريف الإبادة الجماعية وتأثيره على المجتمع اليهودي
تفاقم الجدل بعد إصدار “تنبيه بالإبادة الجماعية” من قبل المعهد في 13 أكتوبر 2023، والذي وصف فيه الإجراءات الإسرائيلية في غزة بأنها إبادة جماعية، وذلك بعد أيام قليلة من الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل. يعتبر هذا التوقيت نقطة تحول رئيسية في نظرة عائلة ليمكين، الذين يعربون عن قلقهم من أن هذا الاستخدام للمصطلح يقلل من أهميته ويشوه معناه الأصلي.
يوسف ليمكين، وهو محامٍ من نيوجيرسي وابن شقيق رافائيل ليمكين، صرح بأن العائلة ترددت في البداية قبل اتخاذ إجراء رسمي، لكنها شعرت بأنها مضطرة للتحرك بعد أن أدركت مدى انتشار مواد المعهد بين الشباب. وأضاف أن قلقه ازداد عندما سأله ابنه البالغ من العمر 16 عامًا عن المعهد ومواقفه على وسائل التواصل الاجتماعي.
مطالبات بمراجعة نشاط المعهد
تلقى حاكم ولاية بنسلفانيا الديمقراطي، جوش شابيرو، ومسؤولون آخرون في الولاية رسائل من مجموعة من الحاخامات البارزين، يطالبون بمراجعة أنشطة معهد ليمكين واستخدامه لاسم رافائيل ليمكين. الحاخام مارفن هير، مؤسس مركز سيمون فيزنثال، حث الولاية على التحقق مما إذا كان استخدام المعهد لاسم “ليمكين” يضلل الجمهور بشأن مهمة رافائيل ليمكين التاريخية.
كما أعرب الحاخام أرييه رالباج، رئيس المحاكم الشرعية لاتحاد الحاخامات الأرثوذكس في الولايات المتحدة وكندا، عن رأيه بأن وصف إسرائيل بأنها “مرتكبة إبادة جماعية” هو تشويه للحقائق التاريخية. يؤكد الحاخامات أن استخدام هذا المصطلح بشكل غير دقيق يساهم في تأجيج مشاعر معاداة السامية.
يرى يوسف ليمكين أن استخدام مصطلح “الإبادة الجماعية” ضد إسرائيل، خاصة في هذا السياق، يضر بقضية حقوق الإنسان بشكل عام. ويقول إن تجاهل حالات الإبادة الجماعية الأخرى في مناطق مثل دارفور ورواندا وسوريا، مع التركيز على إسرائيل، يقوض مصداقية النشطاء ويظهر دوافع معادية للسامية.
تشير تقارير رابطة مكافحة التشهير (Anti-Defamation League) إلى تسجيل مستويات قياسية من الحوادث المعادية للسامية في الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة. ويعتقد الحاخامات وأفراد عائلة ليمكين أن اتهام إسرائيل بـ “الإبادة الجماعية” باسم ليمكين لا يقتصر على تشويه التاريخ، بل يعزز الخطاب الذي يؤدي إلى تفاقم معاداة السامية في الواقع.
ويحذر ليمكين من أن الخطاب المعادي للسامية والخطاب المناهض للصهيونية أصبح أكثر انتشارًا في الأوساط السياسية. ويقول إنه بينما يتقبل النقد البناء للسياسات الإسرائيلية، إلا أنه يرفض الجهود الرامية إلى تقويض حق إسرائيل في الوجود. ويضيف أن إدانة الصهيونية من قبل القادة السياسيين هي بمثابة إنكار للهوية اليهودية نفسها، مما يخلق بيئة معادية لليهود.
من جهته، يرى ليمكين أن عمه رافائيل كان سيتألم بشدة لو علم أن اسمه وعمله سيستخدمان لتشويه رسالته. ويؤكد أن رافائيل كان مدافعًا عن حماية جميع الشعوب، وخاصةً عن حق الشعب اليهودي في العيش بأمان وتقرير المصير. ويختتم بالقول إن تكريم ذكرى رافائيل يتطلب التمسك بوضوحه الأخلاقي من خلال إدانة الظلم الحقيقي ورفض أي خطاب يشوه إرثه ويحول رسالته إلى أداة للكراهية.
حتى الآن، لم يرد معهد ليمكين للوقاية من الإبادة الجماعية على طلبات التعليق المقدمة من Fox News Digital. من المتوقع أن يستمر الجدل حول هذا الموضوع، وأن تزداد الضغوط على السلطات في ولاية بنسلفانيا لمراجعة أنشطة المعهد. سيكون من المهم متابعة رد فعل السلطات، وكيف ستتعامل مع هذه الاتهامات، وما إذا كانت ستتخذ أي إجراءات لضمان عدم تشويه إرث رافائيل ليمكين أو استخدامه لتأجيج الكراهية.

