واشنطن – أدت مبادرة أمريكية جديدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا إلى خلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الرئيسيين. حيث أعربت باريس وبرلين وهلسنكي عن رغبتها في عدم استبعادها من المفاوضات التي تجري في جنيف. وتتركز الخلافات حول مستقبل أمن أوروبا والتنازلات المحتملة التي قد تُطلب من كييف.
خطة السلام الأمريكية وأزمة الثقة مع أوروبا بشأن أوكرانيا
أفاد دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى لفوكس نيوز ديجيتال أن أوروبا لن تقبل اتفاقًا تقوده الولايات المتحدة دون إشراك أوروبي كامل. وأضاف الدبلوماسي: “لا تفاوض بشأن أوكرانيا دون الأوكرانيين. ولا تفاوض بشأن أمن أوروبا دون الأوروبيين”. وتأتي هذه التصريحات بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يوم الأحد عن تحقيق تقدم “كبير” في إطار “مُحدَّث ومُحسَّن للسلام” بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، ووصفه بأنه “أكثر الأيام إنتاجية” حتى الآن، مع الاعتراف بوجود قضايا لم تُحل، وأن المسائل المتعلقة بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ستتم مناقشتها في مسار “منفصل”.
وصفت المصادر الأوروبية الخطة الأمريكية بأنها “أساس يحتاج إلى مزيد من العمل”، مع التأكيد على أن “الشرط الأول لهذه الخطوات يجب أن يكون تطبيق وقف إطلاق نار على طول خط التماس”. وذكرت هذه المصادر أن فرنسا والمملكة المتحدة ستعقدان اجتماعًا للتحالف التطوعي يوم الثلاثاء لتنسيق الموقف الأوروبي.
تحذيرات أوروبية من إقصاء أوروبا عن مفاوضات السلام
حذر مستشار ألمانيا فريدريش ميرز، خلال قمة العشرين في جنوب أفريقيا في نهاية الأسبوع، من أن أوروبا لا يمكن استبعادها من أي تسوية. وأكد أن “الحروب لا يمكن إنهائها من قبل القوى الكبرى فوق رؤوس الدول المتضررة”، مضيفًا أن “الوضع لا يزال بعيدًا جدًا عن نتيجة جيدة للجميع”.
وردّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هذه المخاوف على هامش القمة، مشيرًا إلى أن الخطة الأمريكية “لم تُتفاوض بشأنها مع الأوروبيين”، على الرغم من أنها تحتوي على “العديد من الأحكام التي تهم الأوروبيين بشكل مباشر”. وأشار تحديدًا إلى القيود المقترحة على القدرات العسكرية الأوكرانية، واصفًا إياها بأنها “قيود على حجم الجيش الأوكراني – أي على سيادتها”.
وبينما اعتبر ماكرون أن الخطة “إيجابية بمعنى أنها تقترح طريقًا للسلام وتؤكد على عناصر مهمة تتعلق بالسيادة والضمانات الأمنية وغيرها من القضايا”، إلا أنه شدد على أنها “مجرد أساس للعمل الذي يجب أن يستأنف، كما فعلنا في الصيف الماضي، لأن هذه الخطة لم تُتفاوض بشأنها مع الأوروبيين”.
من جهته، صرّح رئيس فنلندا ألكسندر ستوب عبر منصة X (تويتر سابقًا) أن حلف شمال الأطلسي سيؤكد سلطته على القضايا المتعلقة بنطاقه: “من الواضح أن أوروبا وحلف شمال الأطلسي يقرران الأمور التي تخصهما”.
وسط هذه الخلافات، أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، في مقابلة مع فوكس نيوز، أن المبادرة الأمريكية لا تزال تحتوي على عناصر بناءة، مشيرًا إلى “ضرورة تعديل بعض العناصر، لكن كان هناك أيضًا جوانب جيدة في الخطة”. وأضاف أن فريق الرئيس ترامب “يعمل بجد لإنهاء هذه الحرب”، بهدف تحقيق “سلام دائم ومستدام في أوكرانيا، وهي دولة ذات سيادة”. هذا التصريح يعكس أهمية استمرار الضغط الدبلوماسي لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
وفي هذا السياق، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخطوط الحمراء لكييف في خطاب له أمام البرلمان السويدي، قائلاً: “يجب أن يدفع المعتدي ثمنًا كاملاً للحرب التي بدأها”، ورفض أي تنازلات إقليمية. وأضاف: “بوتين يريد اعترافًا قانونيًا بما سرقه… هذه هي المشكلة الرئيسية”.
في المقابل، رفضت موسكو الأفكار الأوروبية الناشئة واعتبرتها “غير بناءة”، حسبما نقلت وكالة رويترز عن يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي. وتشير هذه الرفضة إلى استمرار التباين في الرؤى بين الأطراف المعنية.
الوضع الحالي يظهر صعوبة التوصل إلى حل سريع للصراع الأوكراني، مع استمرار التحديات الدبلوماسية والتباين في المصالح بين الأطراف الرئيسية. من المتوقع استمرار المفاوضات خلال الأسبوع الجاري، حيث ستسعى الأطراف إلى تضييق الخلافات والتوصل إلى صيغة مقبولة تضمن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. وسيبقى مستقبل أمن أوروبا والضمانات الأمنية لأوكرانيا من القضايا الرئيسية التي ستتطلب حوارًا مستمرًا وتوافقًا دوليًا.










