أكد رئيس وزراء الجبل الأسود، ميلويكو سباييتش، في حوار مع قناة “يورونيوز” أن الانضمام الكامل إلى الاتحاد الأوروبي هو الخيار الوحيد المتاح لبلاده، وأن تحقيق هذا الهدف هو الأولوية القصوى للحكومة. وتأتي تصريحات سباييتش بعد استضافة بروكسل لمنتدى التوسع الأوروبي، حيث جرى بحث مستجدات ملفات الدول المرشحة، بما في ذلك الجبل الأسود، في سعيها لـ الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
تعتبر الجبل الأسود، وهي الأصغر بين تسع دول مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، الأكثر تقدمًا في تنفيذ الإصلاحات الدستورية والقضائية والاقتصادية المطلوبة. ويأمل قادة البلاد في أن تصبح العضو الثامن والعشرين في الاتحاد بحلول عام 2028، وهو هدف تعتبره المفوضية الأوروبية “واقعيًا” وفقًا لتقريرها الأخير حول التوسع.
الجبل الأسود: مسار واضح نحو الاتحاد الأوروبي
أشار سباييتش إلى أن انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي هو “أمر عادل”، مؤكدًا أن الجبل الأسود محاطة بدول أعضاء في التكتل، ما يجعل التكامل أمرًا منطقيًا. وتسعى الجبل الأسود لتعزيز تكاملها الاقتصادي والسياسي مع الاتحاد، وهي خطوات تعتبرها حاسمة لنجاح عملية الانضمام.
في أكتوبر من هذا العام، انضمت الجبل الأسود رسميًا إلى منطقة المدفوعات باليورو (SEPA)، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو التكامل المالي. وقبل ذلك، اعتمدت الجبل الأسود اليورو كعملة رسمية بحكم الأمر الواقع في عام 2002، لكن المعاملات المالية كانت تتم عبر قنوات مكلفة وشبه منفصلة عن البنية التحتية المالية الأوروبية.
تكامل اقتصادي متزايد
بالإضافة إلى ذلك، من المقرر أن يبدأ تجوال الهواتف المحمولة المجاني بين الجبل الأسود والاتحاد الأوروبي في عام 2026. هذه الخطوة ستسهل التواصل والتبادل التجاري بين الجبل الأسود ودول الاتحاد، وستعزز من جاذبية البلاد كوجهة سياحية واستثمارية.
وأوضح سباييتش أن بلاده تهدف إلى إغلاق جميع فصول المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام المقبل، وهذا يتطلب جهودًا مكثفة لتلبية المعايير المطلوبة في مختلف المجالات.
تباين في سياسات التأشيرات
على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزته الجبل الأسود، لا تزال هناك بعض الجوانب التي تتطلب المزيد من التنسيق مع سياسات الاتحاد الأوروبي، مثل قيود السفر المفروضة على المواطنين الروس. فقد أعلن الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا الشهر عن تشديد قواعد التأشيرات على الروس ردًا على الهجمات الإلكترونية التي يُعتقد أنها مرتبطة بروسيا.
ويتضمن التشديد الجديد عدم منح الروس تأشيرات متعددة الدخول، والاكتفاء بتأشيرات دخول واحدة فقط، ما يتطلب منهم التقدم بطلب جديد في كل مرة يرغبون في زيارة الاتحاد الأوروبي. في المقابل، يسمح للجنسيات الروسية بدخول الجبل الأسود بدون تأشيرة لمدة تصل إلى 30 يومًا.
ومع ذلك، أوضح سباييتش أن أعداد السياح الروس آخذة في الانخفاض، وأن الاستثمارات العقارية الروسية في الجبل الأسود أصبحت أكثر تنوعًا. وأضاف أن الحكومة ليست قلقة بشكل خاص بشأن هذه الاتجاهات.
واكد سباييتش أن الجبل الأسود تلتزم بشكل كامل بالسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي (CFSP)، بما في ذلك العقوبات المفروضة على روسيا، مشيرًا إلى أن هذا الالتزام مستمر منذ 13 عامًا، أي طوال فترة الحكومات الخمس الأخيرة. وأضاف: “نتصرف كدولة عضو حتى قبل الحصول على مزايا العضوية.”
وبينما يولي سباييتش أهمية للسياحة، إلا أنه أشار إلى أن البلاد ستعمل على المواءمة الكاملة مع سياسات التأشيرات الخاصة بالاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب، وهو شرط أساسي للانضمام إلى التكتل. وفي هذا السياق، ألغت الجبل الأسود في أكتوبر الماضي برامج الإعفاء من التأشيرة لمواطني أرمينيا وأوزبكستان والكويت ومصر.
تعتبر عملية التفاوض مع الاتحاد الأوروبي معقدة وطويلة الأمد، وتتطلب من الجبل الأسود إجراء إصلاحات شاملة في مختلف القطاعات. وتشمل هذه الإصلاحات تعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد وتحسين بيئة الأعمال وضمان احترام حقوق الإنسان. ومن المتوقع أن تتطلب عملية الانضمام المزيد من الجهد والتنسيق بين الجبل الأسود والاتحاد الأوروبي.
الخطوة التالية المتوقعة هي استمرار الجبل الأسود في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وتقديم نتائج ملموسة في مجالات مثل الفصل بين السلطات ومكافحة الجريمة المنظمة. كما يجب على البلاد مواصلة الحوار مع الاتحاد الأوروبي لمعالجة أي قضايا عالقة وتسهيل عملية الانضمام. وسيظل مسار توسيع الاتحاد الأوروبي، بشكل عام، محط مراقبة دقيقة، خاصة في ظل التطورات الجيوسياسية الحالية.










