أفاد تقرير حديث بأن شركة OpenAI تعمل على تطوير ميزة جديدة داخل تطبيق ChatGPT؛ تتيح التعامل المباشر مع منصة Apple Health، وهو ما رُصد في النسخة الأخيرة من تطبيق ChatGPT على هواتف آيفون. يثير هذا التطوير اهتماماً كبيراً في سوق التكنولوجيا الصحية الرقمية، حيث تسعى OpenAI إلى توسيع نطاق خدماتها لتشمل مجالات جديدة.
وأوضح موقع “ماك رومرز” أنه عُثر داخل كود التطبيق على صورة مخفية تحمل أيقونة Apple Health، مما يوحي بأن الشركة تختبر حالياً إمكانية الربط بين بيانات الصحة واللياقة المحفوظة في تطبيق Apple Health، وبين قدرات التحليل المتقدمة في ChatGPT. لم تعلن OpenAI رسمياً عن موعد إطلاق هذه الميزة، لكن وجودها في الكود يشير إلى خطط مستقبلية.
ChatGPT ومستقبل الصحة الرقمية
يؤكد اسم الملف المرتبط بهذه الأيقونة أن ChatGPT سيكون قادراً، عند تفعيل هذه الخاصية، على الاتصال بتطبيق Apple Health وتلقي بياناته المختلفة لتقديم إجابات أكثر تخصيصاً للمستخدمين. هذا التكامل يعزز قدرة التطبيق على فهم مؤشرات الصحة الشخصية وأنماط السلوك اليومي بشكل أدق، مما يفتح الباب أمام خدمات صحية شخصية أكثر فعالية.
وتشمل البيانات التي قد يتمكن ChatGPT من الوصول إليها النشاط البدني، وأنماط النوم، والنظام الغذائي، ووظائف التنفس، ومؤشرات السمع. هذا النطاق الواسع من البيانات يشير إلى أن التكامل لن يكون سطحياً، بل موجهاً نحو تحليل شامل لصحة المستخدم وسلوكه الحيوي اليومي.
ويتزامن هذا التطور مع تحرك واضح من OpenAI نحو دخول سوق الصحة الرقمية بشكل أكثر تنظيماً. وذكرت وكالة “رويترز” أن الشركة تدرس تطوير مجموعة من المنتجات الصحية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، بما في ذلك مساعد صحي شخصي مخصص للمستهلكين.
تعيينات استراتيجية تدعم التوجه الجديد
يعزز هذا التوجه جملة من التعيينات المهمة داخل الشركة خلال الأشهر الماضية، منها تعيين نيت جروس، الشريك المؤسس لمنصة “دوكسيميتي” الخاصة بالأطباء، مسؤولاً عن استراتيجية الرعاية الصحية. بالإضافة إلى ذلك، تم تعيين آشلي ألكسندر، وهي مديرة تنفيذية سابقة في إنستجرام، نائبة لرئيس إدارة المنتجات الصحية. هذه الخطوات تدل على رغبة OpenAI في بناء قاعدة معرفية وتنظيمية قوية لتقديم خدمات صحية رقمية أكثر احترافية وموثوقية.
وتشير التقديرات إلى أن ChatGPT يجذب نحو 800 مليون مستخدم نشط أسبوعياً، وكثير منهم يطلبون استشارات طبية بشكل مباشر، وفقاً لتصريح أدلى به جروس خلال مؤتمر في أكتوبر. هذا الطلب المتزايد على الاستشارات الصحية عبر ChatGPT يبرر سعي الشركة لتطوير خدمات متخصصة في هذا المجال.
مخاوف تتعلق بالخصوصية وأمن البيانات
ورغم الإمكانات الكبيرة التي يحملها إدخال بيانات Apple Health في ChatGPT، فإنه يثير أيضاً مجموعة من المخاوف المتعلقة بالخصوصية وأمن البيانات. فقد أوضح عدد كبير من المستخدمين رفضهم لفكرة مشاركة بيانات صحية حساسة مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي، خصوصاً مع المخاوف المتعلقة بإمكانية إساءة استخدام هذه البيانات، أو استغلالها من قبل الجهات التأمينية، أو عدم القدرة على ضمان إخفاء الهوية بشكل كامل.
وينظر البعض إلى هذا التكامل على أنه خطوة محفوفة بالمخاطر، خصوصاً في ظل عدم وجود قواعد صارمة توضح كيفية استخدام البيانات الصحية أو تخزينها أو مشاركتها. تزداد هذه المخاوف مع نتائج الدراسات التي تشير إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي قد تتأثر بتحيزات غير مقصودة، وهو ما قد ينعكس على جودة التوصيات الصحية.
وحذّرت دراسة نُشرت في مجلة Nature Medicine من أن بعض نماذج الذكاء الاصطناعي قدمت توصيات علاجية غير متوازنة بناءً على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمرضى. هذا يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يعكس التحيزات الاجتماعية الموجودة في النظام الصحي، مما يطرح تساؤلات حول العدالة والمساواة في تقديم الرعاية الصحية.
بالإضافة إلى ذلك، يعبر بعض الأطباء عن قلقهم من أن الاعتماد المتزايد للمرضى على استشارات الذكاء الاصطناعي قد يخلق تحديات عملية، حيث أن الذكاء الاصطناعي لا يملك رؤية شاملة للحالة السريرية ولا يستطيع أن يأخذ في الاعتبار التعقيدات التي يعتمد عليها الطبيب البشري.
تطور سوق التطبيقات الصحية
يتزامن هذا التطور مع نمو كبير تشهده سوق التطبيقات الصحية، حيث أصبحت المتاجر الرقمية تعج بمئات آلاف التطبيقات التي تتنوع بين مراقبة معدل ضربات القلب، والتنبؤ بانتكاسات الأمراض المزمنة، وقياس المؤشرات الحيوية المختلفة. هذا النمو الكبير يجعل دخول OpenAI إلى السوق الصحية خطوة ذات وزن، لما يمكن أن يضيفه الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى أنظمة التحليل والتوصيات الشخصية.
ومع ذلك، تبقى التحديات التنظيمية والأخلاقية قائمة. نجاح هذا التكامل المحتمل بين Apple Health و ChatGPT يعتمد بشكل أساسي على قدرة OpenAI على توفير ضمانات حقيقية لحماية البيانات الصحية، ومعالجة التحيزات المحتملة، وعدم تجاوز الخط الفاصل بين تقديم المعلومات العامة وبين تقديم تشخيصات طبية تتطلب تدخلاً مهنياً.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة مزيداً من التفاصيل حول هذه الميزة الجديدة، بما في ذلك سياسات الخصوصية والأمان التي ستعتمدها OpenAI. سيكون من المهم مراقبة ردود فعل المستخدمين والجهات التنظيمية، وتقييم تأثير هذه التكنولوجيا على مستقبل الرعاية الصحية.










