في الساعات الأولى التي تلت دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة حيز التنفيذ، بدت مشاهد الدمار في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة كأنها شهادة صامتة على حجم المأساة التي عاشها القطاع طوال الشهور الماضية.
تحول الحي، الذي كان يوماً من أكثر المناطق حيوية واكتظاظاً بالسكان، إلى أطلالٍ تغمرها الأنقاض والدخان، وسط صدمة الأهالي وذهول فرق الإنقاذ.
تجولت فرق الدفاع المدني بين الركام بحثاً عن ناجين أو جثثٍ لم يتمكن أحد من انتشالها خلال الأيام الأخيرة من العدوان، فيما علت أصوات الأطفال والنساء في مشهدٍ مؤلم يصعب وصفه بالكلمات. عشرات المنازل سويت بالأرض، وأخرى تضررت بشكل جزئي، بينما تم تدمير عدد كبير من المساجد والمدارس ومراكز الإغاثة التي كانت تأوي النازحين.
يقول أحد سكان الحي وهو يقف أمام منزله المدمر: “لم يتبق لنا شيء… كنا ننتظر الهدوء لنعود إلى بيوتنا، لكننا عدنا إلى كومة من الحجارة والرماد.” أما سيدة خمسينية فقدت اثنين من أبنائها، فتضيف بصوتٍ متهدج: “الوقف جاء متأخراً… الحرب أخذت كل شيء.”
ورغم سريان وقف إطلاق النار برعاية مصرية ودولية، فإن الوضع الإنساني في الشيخ رضوان يوصف بالكارثي. المياه مقطوعة منذ أيام، وشبكات الكهرباء والاتصالات تكاد تكون مشلولة بالكامل. المستشفيات القريبة تعمل بطاقتها القصوى لاستقبال الجرحى، في ظل نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
من جهتها، أكدت طواقم الأمم المتحدة العاملة في غزة أن الحي يحتاج إلى “عملية إنقاذ شاملة”، مشيرة إلى أن نسبة الدمار في المنطقة تجاوزت 60%، وهو ما يجعل إعادة الإعمار مهمةً طويلة وشاقة.
وبينما يسود الهدوء الحذر شوارع الشيخ رضوان اليوم، تبقى رائحة البارود معلقة في الهواء، شاهدةً على حربٍ لم تترك سوى الخراب والوجع في قلوب الغزيين الذين ما زالوا يحاولون لملمة ما تبقى من حياتهم.