صرح الشيخ أحمد تركي، عضو مجلس الشيوخ وأحد علماء وزارة الأوقاف، مؤكدا أن الحملة التي يشنها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الآثار المصرية ، بزعم وثنيتها ليست سوى محاولة يائسة للنيل من مصر وحضارتها وتاريخها العريق.
وأوضح الشيخ تركي، في منشور مطول عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” ، أن مثل هذه المزاعم الموجهة تكررت في كل مرة تحقق فيها الدولة المصرية إنجازا كبيرا، معتبرا أن الهدف منها هو تشويه الوعي الجمعي للمجتمع وبث الشك في رموزه الحضارية، مشددا على أن الآثار المصرية ليست أصناما للعبادة، بل شواهد خالدة على إبداع الإنسان المصري الذي سخر العلم والإيمان في بناء حضارته.
وأضاف أن القرآن الكريم نفسه فرق بوضوح بين التماثيل التي كانت تعبد من دون الله وبين المعالم الحضارية التي أقامتها الأمم السابقة، حيث تناول قصص عاد وثمود وسبأ وفرعون بوصفها حضارات سابقة تستحق التأمل والعظة لا الهدم أو الطمس، مستشهدا بآيات تدعو إلى السير في الأرض والنظر في آثار من سبقونا لاستخلاص الدروس والعبر.
وبين تركي، أن الصحابة رضوان الله عليهم عندما دخلوا مصر والعراق والشام وفارس لم يهدموا آثار تلك الشعوب، لأن الإسلام لا يعادي العلم ولا الحضارة، بل يعترف بقيمة العمل الإنساني ويعتبر الحفاظ على منجزات الأمم السابقة احتراما لتاريخ الإنسان وامتثالا لتعاليم القرآن.
وأشار إلى أن المصريين القدماء كانوا من أكثر الشعوب تدينا، وأن حضارتهم قامت على الإيمان العميق بالحياة الآخرة وبالجزاء بعد الموت، مؤكدا أن هذه المفاهيم الدينية الواضحة لا يمكن وصفها بالوثنية.
واستشهد بما ذكره المؤرخ الإغريقي هيرودوت، حين قال إن المصريين “أشد البشر تدينا”، كما نقل عن علماء المصريات ما يؤكد أن المعتقدات المصرية القديمة تضمنت قيما توحيدية ظهرت في الصلوات والأدعية، التي رفعها المصري القديم إلى الإله الواحد.
كما استعرض تركي ، أبحاث الدكتور نديم عبد الشافي السيار، أستاذ علم المصريات، الذي أوضح وجود تقارب لغوي وديني بين المصرية القديمة والعربية، حيث تعود جذور كلمات مثل “دين”، و”صوم”، و”حج”، و”حنف”، و”كعبة” إلى مفردات مصرية قديمة تعبر عن معان إيمانية وروحية عميقة.
وأضاف أن المصري القديم كان يتوضأ قبل الصلاة، ويسجد لله الواحد الأحد، ويؤدي صلواته في خشوع تام، وهو ما يتقاطع مع جوهر العبادة في الإسلام.
وتابع الشيخ أحمد تركي قائلا: “إن من يصف الآثار المصرية بالوثنية لم يقرأ القرآن الكريم جيدا ولم يعرف تاريخ أمته، فالمصريون القدماء عبدوا الله على طريقتهم، وبنوا حضارتهم بإيمان عميق، أما الوثنية الحقيقية فهي أن يعبد الإنسان المال أو الشهرة، وأن يهاجم وطنه من أجل مصالح ضيقة أو أجندات خفية.”










