أصدر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي مؤخرًا أكثر من 1850 وثيقة تتعلق بأبرز مجرمي الحرب النازيين، مما يوفر نظرة ثاقبة على الجهود التي بذلتها الدولة لتعقب وتحديد أماكن وجود الآلاف من النازيين الذين فروا من أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
كانت لجنة الشؤون القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي ورئيسها تشاك غراسلي، عضو الحزب الجمهوري من آيوا، وراء هذا الجهد، حيث تمت الإشادة بهم من قبل مركز سيمون فيزنتال لدورهم في دفع ميلي لإصدار هذه الوثائق.
الكشف عن الوثائق النازية
تتضمن معظم المواد التحقيقات التي أجريت بين أواخر الخمسينيات والثمانينيات، وتم رقمنتها ونشرها على الموقع الإلكتروني للأرشيف العام للأرجنتين، إلى جانب المراسيم الرئاسية السرية التي تم إلغاء تصنيفها من 1957 إلى 2005.
تنقسم الدفعة الأصلية من الوثائق إلى سبعة ملفات كبيرة تركز على مجرمي النازيين الرئيسيين المذكورين فيها، وتشمل العديد من الوثائق المتعلقة بأدولف أيخمان، المهندس لخطة “الحل النهائي”، التي تهدف إلى إبادة اليهود الأوروبيين.
التحقيقات حول النازيين الهاربين
عاش أيخمان تحت اسم ريكاردو كليمينت في بوينس آيرس حتى تم القبض عليه من قبل عملاء الموساد على الأراضي الأرجنتينية واقتياده في عملية سرية للمثول أمام المحكمة في القدس عام 1960.
تظهر الوثائق أيضًا أدلة متناقضة حول ما إذا كانت حكومة خوان بيرون اليسارية والشعبية لم تكن فقط على علم بوجود أيخمان في البلاد، بل بذلت أيضًا جهودًا لحمايته.
بالإضافة إلى ذلك، توجد وثائق متعددة تتناول حياة يوزف منغيله، “ملاك الموت” في معسكرات أوشفيتز-بيركيناو، الذي عاش في الأرجنتين وهرب إلى باراغواي والبرازيل، حيث توفي في عام 1979.
التداعيات والآثار
يرى هارلي ليبمان، عضو اللجنة الأمريكية للحفاظ على التراث الأمريكي في الخارج وعضو مجلس إدارة الرابطة اليهودية الأوروبية، أن أهمية إصدار الوثائق الأرجنتينية لا يمكن التقليل من شأنها.
يطرح ليبمان أسئلة حول سبب موافقة مجتمع متقدم مثل الأرجنتين على إخفاء مجرمي النازيين وأسرارهم لفترة طويلة، ويشير إلى أن هذه الوثائق يمكن أن تلقي الضوء على العديد من الأسئلة التي ظلت دون إجابة.
وفي مايو الماضي، تم اكتشاف كنز من 83 صندوقًا من الوثائق النازية في قبو المحكمة العليا للأرجنتين أثناء عمليات نقل المجموعات الوثائقية إلى المتاحف، مما كشف عن وثائق تم اعتراضها من قبل الجمارك الأرجنتينية في عام 1941.
أمرت المحكمة العليا بإجراء مسح شامل لجميع المواد المكتشفة، نظرًا لأهميتها التاريخية وإمكانية احتوائها على معلومات حاسمة لتوضيح الأحداث المتعلقة بالهولوكوست.
من المتوقع أن يتم إلغاء تصنيف الوثائق المكتشفة حديثًا ونشرها بعد رقمنتها، وفقًا لما ذكرته رئاسة ميلي.
وفي الختام، يظل من غير الواضح ما هي التفاصيل الكاملة التي ستكشف عنها هذه الوثائق، ولكن من المتوقع أن تلقي الضوء على العديد من الجوانب المظلمة من التاريخ، وستكون الخطوة التالية هي انتظار نشر الوثائق كاملة.










