أعلنت وزارة الخارجية السورية، الجمعة، عن تعيين محمد كتوب كمندوب دائم لسوريا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وتأتي هذه الخطوة في إطار التزام دمشق بتصفية ملف الأسلحة الكيميائية، الذي يمثل جزءًا من جهودها لتطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي. وأعرب وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، عن شكره لدولة قطر على دعمها المستمر في هذا الملف.
يأتي هذا الإعلان بعد سنوات من التعقيدات والاتهامات المتعلقة ببرنامج الأسلحة الكيميائية السوري. وتشكل هذه الخطوة تطوراً هاماً في مساعي سوريا للوفاء بالتزاماتها الدولية، وفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع المنظمة الدولية.
سوريا ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية: نحو إغلاق الملف
انضمت سوريا إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في عام 2013، بموجب اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا، وذلك بعد هجوم بغاز السارين الذي وقع في الغوطة الشرقية. وقامت سوريا بتدمير ما يقرب من 1300 طن من الأسلحة الكيميائية والمواد الأولية المستخدمة في إنتاجها، وفقًا لتقارير المنظمة.
التحديات السابقة وعمليات التفتيش
على الرغم من الانضمام إلى المنظمة، واجهت عمليات التفتيش صعوبات كبيرة على مدى أكثر من عقد. فقد واجهت المنظمة عراقيل في الوصول إلى بعض المواقع، مما أثار شكوكًا حول النطاق الحقيقي لبرنامج الأسلحة الكيميائية السوري. وذكرت المنظمة في تقاريرها أن المخزون المعلن من قبل سوريا لم يعكس بدقة الوضع على الأرض.
ومع ذلك، شهدت الأشهر الأخيرة تحولاً في النهج السوري. ففي بداية العام الحالي، قام مدير عام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو أرياس، بزيارة إلى دمشق، وصفها بأنها “مثمرة” وتهدف إلى “إنهاء سنوات من العلاقات المتوترة”.
نتائج زيارة فرناندو أرياس
أكد أرياس، في بيان صادر بعد اجتماعاته مع الرئيس السوري ووزير الخارجية، أن الزيارة تمثل “بداية جديدة” وفرصة للسلطات السورية لـ “طي الصفحة” والوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية. وأضاف أن هذه الخطوة ستساهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي والسلام والأمن الدوليين.
وبحسب بيان المنظمة، فإن الهدف من التعاون المستقبلي هو إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية في سوريا بشكل نهائي، وضمان الامتثال طويل الأمد للاتفاقية. ويشمل ذلك التحقق من تدمير أي مخزونات متبقية، ومعالجة أي قضايا عالقة.
أهمية التعيين الجديد ودعم قطر
يعتبر تعيين محمد كتوب كمندوب دائم خطوة عملية نحو تحقيق هذه الأهداف. فهو يمثل نقطة اتصال رئيسية بين سوريا والمنظمة، وسيسهل عملية التعاون والتنسيق في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن دعم دولة قطر لهذا الملف يعكس أهمية الدور الإقليمي في حل القضايا المعلقة. وقد أشادت وزارة الخارجية السورية بالدعم القطري، معتبرة إياه مساهمة قيمة في جهود تصفية ملف الأسلحة الكيميائية.
وتشير التطورات الأخيرة إلى رغبة سوريا في إعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي، والوفاء بالتزاماتها الدولية. ويعتبر ملف الأسلحة الكيميائية جزءًا أساسيًا من هذه الجهود.
الخطوات المستقبلية والتحديات المحتملة
من المتوقع أن تبدأ سوريا ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في العمل على وضع خطة عمل مفصلة لتنفيذ اتفاقيات التفتيش والتحقق. وتشمل هذه الخطة تحديد المواقع التي تحتاج إلى تفتيش، وتحديد الإجراءات اللازمة لضمان الامتثال الكامل للاتفاقية.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات محتملة قد تعيق عملية إغلاق الملف. وتشمل هذه التحديات الوصول إلى بعض المناطق، وضمان التعاون الكامل من جميع الأطراف المعنية. كما أن الوضع الأمني المتغير في سوريا قد يشكل صعوبات إضافية.
سيراقب المجتمع الدولي عن كثب التقدم المحرز في هذا الملف، ويتوقع من سوريا الوفاء بجميع التزاماتها الدولية. وستكون الزيارة القادمة لفريق تفتيش من المنظمة إلى سوريا، والتي من المتوقع أن تتم في الأشهر القليلة المقبلة، بمثابة اختبار حقيقي لمدى التزام دمشق بتصفية ملف الأسلحة الكيميائية.










