أظهرت تجربة سريرية في المرحلة الأولى نتائج واعدة لـ لقاح تجريبي لعلاج سرطان الكبد، يستهدف شكلاً نادراً من المرض يصيب الأطفال والشباب، وهو ما يمثل تطوراً هاماً في خيارات العلاج المتاحة لهذه الفئة من المرضى. وقد أظهرت الدراسة استجابات ملحوظة لدى غالبية المشاركين، بما في ذلك حالات يُعتقد أنها خالية من السرطان.
أجريت الدراسة في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، وشملت 16 مريضاً تتراوح أعمارهم بين 12 عاماً فأكثر، يعانون من أورام لا يمكن استئصالها جراحياً. تم تقييم 12 مريضاً بشكل كامل، ووجد أن 75% منهم حققوا تحكماً في المرض، بينما استجاب 3 مرضى بشكل عميق، مما يشير إلى اختفاء السرطان لديهم. تأتي هذه النتائج في ظل الحاجة الماسة لعلاجات جديدة لهذا النوع من سرطان الكبد.
علاج سرطان الكبد: نتائج مشجعة
يُعرف سرطان الكبد الذي استهدفه اللقاح باسم “الفيبرو لاميلار”، وهو نوع نادر يصيب عادةً المراهقين والشباب الأصحاء. وفقاً للدراسة، يصيب هذا السرطان حوالي 500 شخص سنوياً في الولايات المتحدة. وعادةً ما يرتبط سرطان الكبد بتليف الكبد أو التهاب الكبد، إلا أن هذا النوع يصيب الأصحاء نسبياً، مما يجعل تشخيصه أكثر صعوبة.
أشار الباحثون إلى أن معظم المرضى المشاركين في التجربة قد خضعوا بالفعل لعلاج كيميائي دون جدوى. وقد مكّن اللقاح أحد المرضى من الخضوع لعملية جراحية لإزالة الورم بعد فشل العلاجات الأخرى، مما يوضح إمكانية استخدامه كجسر نحو خيارات علاجية أكثر فعالية. كما أدى اللقاح إلى استجابة سريعة لدى المرضى خلال أشهر قليلة من بدء العلاج.
آلية عمل اللقاح والاستجابات
يعمل اللقاح عن طريق تحفيز الجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا السرطانية. ووفقاً للدراسة، كانت الاستجابات التي حققها المرضى عميقة وطويلة الأمد، مما سمح لهم بمواصلة حياتهم بشكل طبيعي. وقد حقق مراهق يبلغ من العمر 13 عاماً استجابة شبه كاملة واستمر في العلاج المناعي لمدة عامين.
أظهرت النتائج أن اللقاح جيد التحمل بشكل عام، مع الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً هي ردود الفعل في موقع الحقن والصداع والتعب. ومع ذلك، يخطط الباحثون لتوسيع الدراسة لتشمل المزيد من المرضى وإجراء تجربة سريرية أكبر لتقييم فعالية اللقاح على نطاق أوسع.
تحديات وفرص مستقبلية
على الرغم من النتائج الواعدة، يشدد الباحثون على أن حجم التجربة كان صغيراً نسبياً. ومع ذلك، فإن هذه النتائج الأولية المنشورة في دورية Nature Medicine تضع الأساس لتجارب أوسع قد تؤدي إلى اعتماد اللقاح كعلاج قياسي في المستقبل. كما أن هذه الدراسة تقدم نموذجاً لتطوير لقاحات موجهة لعلاج سرطانات نادرة أخرى، خاصةً لدى الأطفال والمراهقين.
بالإضافة إلى ذلك، يرى الخبراء أن الجمع بين العلاج المناعي واللقاح قد يعزز الاستجابة العلاجية. ويؤكدون على أهمية المتابعة الطويلة الأمد للمرضى واستمرار العلاج المناعي لتحقيق استجابة عميقة ودائمة. كما أن التقدم في فهم التفاعلات المناعية للجسم مع الأورام النادرة قد ساهم في تصميم هذا اللقاح الفعال.
أشار الباحثون إلى أن التعاون بين مؤسسات مختلفة، بما في ذلك مراكز الأبحاث الجامعية ومستشفيات الأطفال ومؤسسات دعم السرطان، كان حاسماً في تصميم وتنفيذ هذه التجربة. ويعكس هذا النهج التعاوني أهمية العمل المشترك في تطوير علاجات جديدة للأمراض النادرة.
من المتوقع أن يستمر الباحثون في جمع البيانات وتحليلها من التجربة الحالية، مع التركيز على تحديد العوامل التي تتنبأ بالاستجابة للعلاج. كما يخططون لإجراء المزيد من الدراسات لتقييم فعالية اللقاح في مجموعات فرعية مختلفة من المرضى. وستكون المتابعة طويلة الأمد للمرضى ضرورية لتقييم الاستدامة طويلة الأجل للاستجابات التي تم تحقيقها. وستشكل هذه الجهود أساساً لاتخاذ قرارات مستقبلية بشأن تطوير هذا العلاج الواعد لسرطان الكبد.










