أطلق صاروخ روسي عابر للقارات، من طراز صاروخ سارمات، خلال اختبار روتيني يوم الجمعة من منشأة تحت الأرض في جنوب روسيا. كان الهدف من الاختبار هو إيصال رأس حربي وهمي إلى منطقة بعيدة، على بعد حوالي 6400 كيلومتر، لكن الصاروخ فشل في تحقيق ذلك، حيث سقط على بعد أمتار قليلة من منصة الإطلاق. يشير هذا الحادث إلى تحديات تواجه البرنامج الصاروخي الروسي.
وقع الحادث بالقرب من قاعدة دومباروفسكي الجوية في منطقة أورينبورغ، بالقرب من الحدود الروسية الكازاخستانية. وقد تم رصد الصاروخ وهو ينحرف عن مساره بعد الإطلاق مباشرة، ثم يدور بشكل غير طبيعي قبل أن يفقد قوته ويسقط. لم يصدر أي تعليق رسمي من الجيش الروسي حتى الآن.
فشل متكرر لصاروخ سارمات الروسي
يعتقد المحللون أن الصاروخ الذي فشل هو من طراز RS-28 Sarmat، وهو سلاح مصمم للوصول إلى أهداف على بعد يزيد عن 18000 كيلومتر، مما يجعله أطول صاروخ مدي في العالم. يُعد هذا الصاروخ جزءًا من جهود روسيا لتحديث ترسانتها النووية.
يتميز صاروخ سارمات بقدرته على حمل ما يصل إلى 10 رؤوس نووية كبيرة، أو مزيج من الرؤوس النووية وأنظمة مكافحة الصواريخ، أو مركبات انزلاقية فائقة السرعة، وفقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. تم تصميمه ليكون سلاحًا “يوم القيامة” يمكن استخدامه في حرب نووية شاملة بين روسيا والولايات المتحدة.
تاريخ من المشاكل
على الرغم من تصريحات المسؤولين الروس حول قدرات سارمات، إلا أن البرنامج شهد سلسلة من الإخفاقات. وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصاروخ بأنه “سلاح فريد حقًا” قادر على ردع أي تهديد لبلاده. كما أطلق عليه ديمتري روجوزين، رئيس وكالة الفضاء الروسية السابق، لقب “سلاح خارق”.
ومع ذلك، فإن الاختبار الأول للصاروخ في عام 2022 يبدو أنه نجح، لكن الاختبارات اللاحقة واجهت صعوبات. في العام الماضي، وقع انفجار كارثي دمر المنشأة تحت الأرض التي تستخدم لإطلاق صواريخ سارمات في شمال روسيا. هذا الحادث الأخير يثير تساؤلات حول موثوقية هذا النظام الصاروخي.
أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور عبر الأقمار الصناعية، سحابة حمراء-بنية اللون و حفرة حرق بالقرب من موقع الإطلاق، مما يشير إلى تسرب محتمل لمواد كيميائية سامة مثل الهيدرازين ورباعي أكسيد النيتروجين المستخدمة كوقود في هذه الصواريخ. هذه المواد تشكل خطرًا بيئيًا وصحيًا.
تأتي هذه الإخفاقات في وقت تشتد فيه التوترات بين روسيا والغرب، خاصةً على خلفية الحرب في أوكرانيا. وتزيد هذه الحوادث من القلق بشأن الاستقرار الاستراتيجي والقدرة على التحكم في التسلح النووي. التحليل الأولي يشير إلى أن هذا الفشل قد يكون مرتبطًا بمشاكل في نظام التوجيه أو في محركات الصاروخ.
من المهم ملاحظة أن هذه الصواريخ، بما في ذلك صاروخ سارمات، تخضع لاختبارات صارمة لضمان أدائها وموثوقيتها. الفشل في الاختبار لا يعني بالضرورة أن الصاروخ غير قابل للاستخدام، ولكنه يشير إلى الحاجة إلى مزيد من التحسينات والتعديلات. تعتبر هذه الاختبارات جزءًا أساسيًا من عملية تطوير الأسلحة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الحوادث قد تؤثر على الميزانية المخصصة للبرنامج الصاروخي الروسي، وقد تؤدي إلى تأخير في نشر هذا السلاح. قد تضطر روسيا إلى إعادة تقييم تصميم الصاروخ وإجراء تغييرات كبيرة لضمان سلامته وفعاليته. هذا قد يتطلب استثمارات إضافية ووقتًا أطول.
من المتوقع أن تجري روسيا المزيد من التحقيقات لتحديد سبب الحادث الأخير. قد تشمل هذه التحقيقات فحصًا دقيقًا لجميع مكونات الصاروخ وأنظمة الإطلاق، بالإضافة إلى تحليل البيانات التي تم جمعها أثناء الاختبار. من المرجح أن يتم مشاركة نتائج التحقيق مع الشركاء الرئيسيين في البرنامج الصاروخي.
في الوقت الحالي، لا تزال التفاصيل حول الحادث محدودة، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيؤثر على الخطط المستقبلية لروسيا فيما يتعلق بتطوير ونشر صاروخ سارمات. سيكون من المهم مراقبة التطورات المستقبلية، بما في ذلك أي اختبارات إضافية أو تصريحات رسمية من الحكومة الروسية. كما يجب متابعة ردود الفعل الدولية على هذا الحادث.
من الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تفشل فيها اختبارات الأسلحة الروسية. في السنوات الأخيرة، كانت هناك العديد من الحوادث الأخرى التي أثارت تساؤلات حول جودة المعدات العسكرية الروسية. تعتبر جودة التصنيع والرقابة الصارمة من العوامل التي تؤثر على موثوقية الأسلحة. مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يقدم تحليلات مفصلة حول هذا الموضوع.










