أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انفتاحه على التوصل إلى اتفاق مع سوريا، مع التأكيد على شروط مسبقة تتعلق بالأمن الإسرائيلي، وذلك في خضمّ ضغوط أمريكية لتجنب التصعيد العسكري في المنطقة. يأتي هذا التطور بعد تحذيرات واشنطن من أن الضربات الإسرائيلية المتكررة في سوريا قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وقبل زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى البيت الأبيض. القضية السورية
أوضح نتنياهو، خلال زيارته لجنديين إسرائيليين مصابين، أن إسرائيل ملتزمة بالدفاع عن بلداتها الحدودية، بما في ذلك الجولان السوري المحتل، في أعقاب الأحداث الأخيرة. وأشار إلى ضرورة إقامة “منطقة عازلة” خالية من السلاح على طول الحدود، بالإضافة إلى الاحتفاظ بالسيطرة على المناطق التي سيطرت عليها إسرائيل مؤخرًا في الأراضي السورية، وذلك كشرط أساسي لأي اتفاق.
تصريحات نتنياهو وتوقعات واشنطن بشأن سوريا
أكد نتنياهو أنه في حال وجود “نية حسنة وتفهم” من الجانب السوري لمبادئ إسرائيل، يمكن التوصل إلى اتفاق. تأتي هذه التصريحات بعد هجوم إسرائيلي على قرية بيت جن في ريف دمشق، والذي أسفر عن مقتل 13 شخصًا، وأثار ردود فعل دولية واسعة وإدانات من دمشق.
نددت الحكومة السورية بالهجوم، واصفة إياه بأنه “جريمة حرب” تهدف إلى تقويض الاستقرار في المنطقة، ودعت إلى ردع إسرائيل عن تكرار مثل هذه الأعمال العدوانية. وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، صرح بأن هذه الاعتداءات لا تستهدف سوريا وحدها، بل تسعى لتعطيل أي مسار سياسي مستقبلي.
الضغط الأمريكي على إسرائيل
في غضون ذلك، أعربت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قلقها بشأن التصعيد العسكري الإسرائيلي في سوريا. ودعا ترامب، عبر منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به، إسرائيل إلى تجنب أي خطوات قد تعرقل تطور سوريا.
وقالت مصادر أمريكية لموقع “أكسيوس” إن ترامب يعتبر تدخلات نتنياهو “غير مفيدة”، وأن البيت الأبيض لم يتلق إخطارًا مسبقًا بالهجوم على بيت جن، ولم يتم تحذير الجانب السوري عبر القنوات العسكرية.
هجوم بيت جن والأبعاد الإقليمية
أشارت المصادر الأمريكية إلى أن الهجوم على بيت جن أثار غضبًا واسعًا في سوريا، وزاد من المطالبات بـ “الرد”. يذكر أن إسرائيل نفذت العديد من الغارات الجوية في سوريا على مر السنوات، مستهدفة بشكل أساسي مواقع يُزعم أنها تابعة لمجموعات مسلحة موالية لإيران.
منذ عام 2014، وبعد اندلاع الحرب الأهلية السورية، كثفت إسرائيل من تدخلاتها العسكرية في الأراضي السورية، بدعوى حماية أمنها القومي ومنع نقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني. واحتلت إسرائيل تسع مناطق في جنوب سوريا، لكن دمشق لا تعترف بشرعية هذه الاحتلالات.
تسعى الولايات المتحدة إلى التوصل إلى اتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا، يهدف إلى تهدئة الأوضاع في جنوب سوريا، ومنع المزيد من التصعيد. وقد جرت محادثات بوساطة أمريكية بين الطرفين في الماضي، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن.
محادثات أمريكية سورية
استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، في دمشق، لبحث آخر التطورات الإقليمية والقضايا المشتركة. ويأتي هذا اللقاء في إطار جهود واشنطن لتهدئة الأوضاع، وتشجيع الحوار بين إسرائيل وسوريا.
تأتي هذه المساعي الأمريكية في وقت يواجه فيه الرئيس ترامب ضغوطًا داخلية وخارجية لخفض التوترات في الشرق الأوسط. ويعتبر دعم جهود الرئيس الشرع لتحقيق الاستقرار في سوريا، أحد أبرز أولويات الإدارة الأمريكية في المنطقة.
مستقبل العلاقات الإسرائيلية السورية
من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس ترامب في البيت الأبيض قبل نهاية شهر ديسمبر الجاري. ومن المتوقع أن تكون القضية السورية على رأس جدول أعمال هذه الزيارة، حيث يضغط ترامب على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق أمني مع دمشق.
لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات للجانب السوري من أجل التوصل إلى اتفاق. كما أن مصير ملف سوريا داخل الحكومة الإسرائيلية غير واضح، بعد استقالة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.
في الأيام المقبلة، يجب مراقبة التطورات على الأرض في سوريا، وموقف الأطراف المعنية من جهود الوساطة الأمريكية. كما يجب متابعة نتائج لقاء ترامب ونتنياهو، وما إذا كان سيتم التوصل إلى أي اختراقات جديدة في ملف العلاقات الإسرائيلية السورية.










