أطلق الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، يوم الأحد، نداءً عاجلاً إلى الدول المنتجة للنفط، بما في ذلك منظمة أوبك، للحصول على الدعم، كاشفاً عن عزلة متزايدة تواجه حكومته. يأتي هذا الطلب في ظل أزمة اقتصادية حادة تعاني منها فنزويلا وتدفقات ديون تقدر بنحو 150 مليار دولار، بينما يتهم مادورو الولايات المتحدة بـ “العدوان المباشر” الذي يقوض قطاع الطاقة في بلاده ويهدد استقرار سوق النفط العالمي. هذا الوضع يضع **فنزويلا** في قلب التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
الطلب اليائس لمادورو وأسباب الأزمة في فنزويلا
تضمن طلب مادورو رسالة رسمية إلى الأمين العام لمنظمة أوبك، هيثم الغيس، نشرها وزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل، حيث دعا إلى اتخاذ إجراءات لوقف ما وصفه بالعدوان الأمريكي. ويرى خبراء أن هذا النداء هو في المقام الأول محاولة لإلقاء اللوم على العوامل الخارجية في المشاكل الداخلية التي تواجهها فنزويلا، والتي تتفاقم بسبب سنوات من سوء الإدارة والفساد. وفقًا لفرانسيسكو جيه. مونالدي، مدير سياسات الطاقة لأمريكا اللاتينية، فإن فنزويلا “مفلسة” حاليًا.
العقوبات الأمريكية وتأثيرها على قطاع النفط
فرضت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات على فنزويلا تستهدف مسؤولين حكوميين وصناعات رئيسية مثل النفط والتعدين، بالإضافة إلى المعاملات المالية، ردًا على مخاوف بشأن الفساد وتهريب المخدرات وانتهاكات حقوق الإنسان. وقد أدت هذه العقوبات إلى تقييد قدرة فنزويلا على الوصول إلى الأسواق الدولية والحصول على التمويل اللازم لإنعاش اقتصادها.
في خطوة تصعيدية أخرى، أمر الرئيس ترامب بإغلاق المجال الجوي الأمريكي أمام الطائرات الفنزويلية، مما زاد من الضغط على نظام مادورو. ومع ذلك، يؤكد مونالدي أن مادورو كان يدرك أن هذا الطلب سيكون رمزياً في معظمه، وأنه قام بصياغة الوضع على أنه صراع حول النفط لخدمة روايته الخاصة.
إمكانيات الإنتاج الفنزويلي والمستقبل الاقتصادي
تشير التقديرات إلى أن فنزويلا لديها القدرة على استعادة مكانتها كمنتج رئيسي للنفط، والوصول إلى إنتاج حوالي 4 ملايين برميل يوميًا في أقل من عقد، وهو ما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بمستويات الإنتاج الحالية. لتحقيق ذلك، يجب أن يفتح القطاع النفطي الفنزويلي بالكامل للاستثمار الأجنبي الخاص، وهو ما يتطلب تغييرًا في النظام السياسي.
إنتاج 4 ملايين برميل يوميًا، وفقًا للتقديرات، سيولد إيرادات سنوية تبلغ حوالي 90 مليار دولار، وهو رقم مشابه للإيرادات التي حققتها فنزويلا في أوج إنتاجها. هذه الإيرادات يمكن أن تساعد فنزويلا على سداد ديونها والتعافي اقتصاديًا، على الرغم من أن هذا التعافي سيستغرق سنوات. لكن مونالدي يشدد على أن إعادة الإعمار تتجاوز مجرد قطاع النفط.
أهداف السياسة الأمريكية تجاه فنزويلا
بالإضافة إلى قطاع الطاقة، يرى المحللون أن الولايات المتحدة لديها أهداف أوسع نطاقًا في فنزويلا، تتصل بالحفاظ على الاستقرار في نصف الكرة الغربي. تولي واشنطن أهمية بالغة للحد من الجريمة وتهريب المخدرات في المنطقة، كما أنها تسعى إلى تقليل التأثير السلبي الذي أحدثته فنزويلا على بقية دول أمريكا اللاتينية. كذلك، فإن التغيير في النظام السياسي الفنزويلي يعتبر هدفًا إيجابيًا للولايات المتحدة، حسبما صرح مونالدي.
في الآونة الأخيرة، جرت مكالمة هاتفية بين الرئيس ترامب ومادورو، أكد ترامب خلالها على ضرورة تنحي مادورو ومغادرة البلاد، في محاولة مباشرة للدفع نحو انتقال سياسي. وفي هذا السياق، تتزايد التوقعات بعمليات عسكرية أمريكية محتملة في المنطقة، الأمر الذي يزيد من حدة التوتر.
تتجه الأنظار الآن إلى رد فعل منظمة أوبك على طلب مادورو، مع توقعات واسعة بعدم التدخل في هذا الصراع، خاصة مع عدم رغبة السعودية في التصادم مع الإدارة الأمريكية. كما يراقب المراقبون التطورات السياسية الداخلية في فنزويلا والتأثير المحتمل لزيادة الضغوط الأمريكية على مستقبل النظام. من المتوقع أن تشهد الأسابيع والأشهر القادمة تطورات حاسمة في هذا الملف، مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن المسار الذي ستسلكه الأزمة الفنزويلية.










