أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن قلقه العميق بشأن إدارة إسرائيل لعملياتها العسكرية في قطاع غزة، مشيراً إلى وجود “خطأ جوهري” في النهج المتبع. وجاءت تصريحاته خلال مشاركته في منتدى “رويترز نيكست” في نيويورك، حيث أشار إلى “أسباب قوية” للاعتقاد بوقوع جرائم حرب في غزة، مما يزيد الضغط الدولي على إسرائيل وسط استمرار الصراع وارتفاع عدد الضحايا. هذه التصريحات تأتي في سياق الأزمة الإنسانية المتفاقمة وتصاعد الدعوات للتحقيق في الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي.
وأضاف جوتيريش أن الأضرار الجانبية الناتجة عن العمليات العسكرية، وخاصةً فيما يتعلق بالمدنيين في غزة، تبدو “غير مقبولة”. ووفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد تجاوز عدد القتلى في غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023 سبعين ألف شخص. ويأتي هذا في وقت لا يزال فيه وقف إطلاق النار هشاً، مع تبادل الاتهامات بين حماس وإسرائيل بانتهاك الاتفاق المدعوم من الولايات المتحدة.
تقييم الأمم المتحدة لجرائم الحرب المحتملة في غزة
أثار تصريح جوتيريش حول وجود “أسباب قوية” للاعتقاد بوقوع جرائم حرب جدلاً واسعاً. ولم يقدم الأمين العام تفصيلاً محدداً لهذه الأسباب، إلا أنه شدد على التدمير الواسع النطاق الذي لحق بالبنية التحتية المدنية في غزة، والحصيلة الكبيرة للضحايا المدنيين. هذا الأمر يتطلب تحقيقاً مستقلاً وشفافاً لتحديد ما إذا كانت هناك انتهاكات للقانون الإنساني الدولي.
وفي الوقت نفسه، أشاد جوتيريش بجهود الولايات المتحدة، الحليفة الرئيسية لإسرائيل، في العمل على تحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر. وأشار إلى أن هناك “تعاوناً ممتازاً” في هذا المجال بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة، معرباً عن أمله في استمرار هذا التعاون وتطويره. ولكنه لفت أيضاً الانتباه إلى أن هناك عقبات طويلة الأمد تواجه إيصال وتوزيع المساعدات في غزة، حيث تُلقي الأمم المتحدة باللوم في ذلك على إسرائيل.
الأزمة الإنسانية في غزة وتأثيرها على المدنيين
تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة بشكل كبير منذ بدء الحرب. فقد أفاد مرصد عالمي للجوع في أغسطس الماضي باستشراء أزمة التجويع. الوضع يقلق بشكل خاص الأمم المتحدة، التي تحذر باستمرار من أن نقص الغذاء والمياه والإمدادات الطبية يهدد حياة المدنيين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الوضع الصحي في غزة كارثي، مع انهيار النظام الصحي وعدم قدرته على التعامل مع العدد المتزايد من الجرحى والمرضى. هناك حاجة ماسة إلى زيادة المساعدات الطبية والصحية لإنقاذ حياة المدنيين.
تطورات أخرى: الحرب في أوكرانيا والتوترات مع الولايات المتحدة
لم يقتصر حديث جوتيريش على الوضع في غزة، بل تناول أيضاً الحرب الروسية في أوكرانيا. وأعرب عن خيبة أمله من تعثر المفاوضات الرامية إلى إنهاء هذا الصراع، مؤكداً على ضرورة أن يتم حل النزاع وفقاً للقانون الدولي وباحترام سيادة أراضي الدول.
وأشار إلى أن انتهاك هذه المبادئ سيكون له عواقب وخيمة على النظام الدولي، مضيفاً أن القانون الدولي يجب أن يكون ذا أهمية وأن يحترم من الجميع. ويأتي هذا في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة التوسط لإنهاء الصراع في أوكرانيا.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، علق جوتيريش على انتقادات الرئيس السابق دونالد ترامب للأمم المتحدة، قائلاً إن المنظمة لديها “إمكانيات هائلة” لكنها “لا تستغلها بشكل كامل”. وأكد على أهمية الحفاظ على قيم الأمم المتحدة، وأنها أساس لبناء عالم أكثر عدلاً واحتراماً للقانون الدولي.
كما أدان جوتيريش الضربات الأميركية على السفن بالقرب من فنزويلا، معتبراً أنها لا تتوافق مع القانون الدولي. ويبقى هذا الأمر مصدراً للتوتر بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة.
في الختام، يظل الوضع في غزة وأوكرانيا محور اهتمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. من المتوقع أن يستمر الضغط على جميع الأطراف المعنية للالتزام بالقانون الدولي وحماية المدنيين. وستتابع الأمم المتحدة عن كثب تطورات المفاوضات وجهود إيصال المساعدات الإنسانية، مع التأكيد على الحاجة إلى حلول مستدامة تضمن السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.










