تواجه المهاجرون غير الشرعيين في الولايات المتحدة صعوبات متزايدة في تنظيم عودتهم الطوعية إلى بلدانهم الأصلية، على الرغم من تشجيع إدارة ترامب لـ الترحيل الذاتي كوسيلة لتجنب الاعتقال والترحيل القسري. وقد أدت حالة امرأة فنزويلية حامل، وصلت إلى الولايات المتحدة العام الماضي، إلى تسليط الضوء على التحديات البالغة التي تواجه أولئك الذين يسعون للمغادرة بشكل قانوني. بدأت هذه القضية في أوهايو، حيث وجدت المرأة صعوبة في الحصول على الدعم والرعاية اللازمة.
أعلنت الحكومة الأمريكية، من خلال مبادرة “العودة إلى الوطن” (Project Homecoming)، عن تقديم المساعدة للمهاجرين الراغبين في العودة إلى بلدانهم، بما في ذلك المساعدة في الحصول على وثائق السفر وتكاليفها وحتى مكافأة مالية. ومع ذلك، يشير خبراء قانونيون وناشطون في مجال الهجرة إلى أن التطبيق العملي لهذه المبادرة مليء بالتعقيدات، وأن العديد من المهاجرين يجدون أنفسهم في وضع صعب وغير مؤكد.
تحديات الترحيل الذاتي في ظل إدارة ترامب
أصبحت قضايا الهجرة محورًا رئيسيًا في سياسة إدارة الرئيس دونالد ترامب، حيث تم التركيز بشكل كبير على تطبيق قوانين الهجرة بشكل صارم وتشجيع المغادرة الطوعية. ومع ذلك، وفقًا لتقارير إعلامية مثل WIRED، فإن عملية “الترحيل الذاتي” التي تروج لها الإدارة ليست سهلة كما تبدو.
تطبيق CBP Home والمشاكل التقنية والإدارية
أطلقت إدارة حماية الحدود والجمارك الأمريكية (CBP) تطبيقًا باسم “CBP Home” بهدف تسهيل عملية الترحيل الذاتي، من خلال توفير نموذج لملء البيانات وتقديم المساعدة في حجز التذاكر والتنازل عن الغرامات. ولكن، وفقًا للمحامية جيسيكا راموس، فإن التطبيق لا يوفر مساعدة كبيرة في الواقع.
توضح راموس، التي تمثل المرأة الفنزويلية، أن التطبيق غالبًا ما يؤدي إلى إطلاق عملية بيروقراطية مربكة وطويلة الأمد. وعلى الرغم من أن التطبيق يفترض أن يوفر معلومات حول وثائق السفر والمساعدة المالية، إلا أن العديد من المهاجرين يجدون أنفسهم ينتظرون دون رد أو مساعدة فعلية.
نقص المعلومات والدعم الحكومي
يؤكد خبراء قانونيون أن الحصول على معلومات واضحة وموثوقة من الحكومة الأمريكية حول عملية الترحيل الذاتي يمثل تحديًا كبيرًا. تشير جينيفر إيبانيز ويتلوك، المستشارة القانونية العليا في المجلس الوطني للهجرة، إلى صعوبة الحصول على إرشادات واضحة من الجهات الحكومية المعنية.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه المهاجرون صعوبات في الحصول على الدعم اللازم لتغطية تكاليف السفر والوثائق، خاصةً أولئك الذين ليس لديهم موارد مالية أو عائلات في الولايات المتحدة. وقد أدى ذلك إلى حالات يضطر فيها المهاجرون إلى البقاء في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني خوفًا من العواقب المترتبة على محاولة المغادرة.
المخاوف المتعلقة بالاعتقال والترحيل القسري
على الرغم من أن إدارة ترامب تدعي أن المهاجرين الذين يختارون الترحيل الذاتي سيتم “تأجيل” اعتقالهم وترحيلهم القسري، إلا أن هناك مخاوف من أن هذا لا يحدث دائمًا في الواقع. وقد أفاد بعض المهاجرين بأنهم تعرضوا للاعتقال والترحيل على الرغم من محاولتهم المغادرة بشكل طوعي من خلال القنوات الرسمية.
تثير هذه الحالات تساؤلات حول الالتزام الفعلي للإدارة بوعودها بشأن حماية المهاجرين الذين يسعون للمغادرة الطوعية. يتساءل النشطاء القانونيون عما إذا كانت عملية الترحيل الذاتي تستخدم كطريقة للضغط على المهاجرين للاستسلام للسلطات.
إحصائيات الترحيل الذاتي والجدل الدائر حولها
أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية (DHS) في أكتوبر أنها سجلت أكثر من 1.6 مليون حالة “ترحيل ذاتي طوعي” في عام 2025. ومع ذلك، يثير هذا الرقم شكوكًا، حيث يشير البعض إلى أنه قد يشمل حالات العودة التلقائية إلى بلدان المناشأ بسبب انتهاء صلاحية التأشيرات أو لأسباب شخصية أخرى، وليس فقط حالات الترحيل الذاتي التي تسهلها الحكومة الأمريكية.
هناك جدل حول ما إذا كان تشجيع الترحيل الذاتي يمثل حلاً إنسانيًا لقضايا الهجرة، أم أنه مجرد وسيلة لتجنب تحمل مسؤولية توفير إجراءات قانونية عادلة للمهاجرين. يرى البعض أن الترحيل الذاتي يمكن أن يكون خيارًا جيدًا للمهاجرين الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم الأصلية طواعية، بينما يرى آخرون أنه يتركهم عرضة للخطر ويحرمهم من حقوقهم.
تتطلب قضايا الهجرة واللجوء دراسة متأنية للأبعاد الإنسانية والقانونية والسياسية. ويجب على الحكومة الأمريكية أن توفر معلومات واضحة ودعمًا فعالًا للمهاجرين الذين يسعون للمغادرة الطوعية، وأن تضمن احترام حقوقهم وسلامتهم.
من المتوقع أن تستمر إدارة ترامب في التركيز على سياسات الهجرة الصارمة، بما في ذلك تشجيع الترحيل الذاتي. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين بشأن مستقبل هذه السياسات، خاصةً في ظل التحديات القانونية والضغوط السياسية التي تواجهها. يجب مراقبة التطورات المتعلقة بتطبيق CBP Home ومبادرة “العودة إلى الوطن” عن كثب لتقييم تأثيرها الفعلي على المهاجرين.










