شهدت غينيا بيساو انقلابًا عسكريًا في الثاني من ديسمبر 2025، وذلك قبيل الإعلان عن نتائج انتخابات رئاسية متنازع عليها. يثير هذا الانقلاب تساؤلات حول مستقبل البلاد، خاصةً مع الدور المعروف الذي تلعبه غينيا بيساو كمركز رئيسي لـتجارة المخدرات بين أمريكا اللاتينية وأوروبا، وهو ما أدى إلى وصفها بـ “دولة المخدرات الأولى في أفريقيا”.
تأتي هذه التطورات في وقت تعتمد فيه غالبية الشعب الغيني على زراعة الكاجو كمصدر رئيسي للرزق، إلا أن هذا القطاع يظل عرضة للتأثر بالاضطرابات السياسية والأنشطة الإجرامية. وقد أعربت بعض القيادات في غرب أفريقيا عن اعتقادها بأن الانقلاب كان مدبرًا، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني.
مستقبل غينيا بيساو في ظل انقلاب عسكري وتحديات تجارة المخدرات
يعود تاريخ غينيا بيساو إلى سلسلة من الانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسي، مما أضعف مؤسسات الدولة وقدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية. تعتبر البلاد نقطة عبور استراتيجية لشحنات الكوكايين المتجهة إلى أوروبا، مستغلةً طول ساحلها وصعوبة الرقابة عليها.
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن غينيا بيساو تشهد زيادة في كميات الكوكايين التي تمر عبر أراضيها، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلات الفساد والجريمة المنظمة. وتشير هذه التقارير إلى وجود شبكات إجرامية متداخلة تتضمن عناصر من الجيش والشرطة، مما يجعل مكافحة تجارة المخدرات أكثر صعوبة.
التداعيات المحتملة للانقلاب
من المرجح أن يؤدي الانقلاب العسكري إلى تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في غينيا بيساو. قد يشهد البلد تصاعدًا في العنف والاضطرابات، بالإضافة إلى فرض قيود على الحريات المدنية وحقوق الإنسان.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر الانقلاب سلبًا على الاقتصاد الغيني، خاصةً قطاع الكاجو الذي يعتمد على الاستقرار السياسي والاجتماعي. قد يؤدي ذلك إلى زيادة الفقر والبطالة، وتفاقم الأوضاع المعيشية للسكان.
الدور الإقليمي والدولي
تعتبر الاستجابة الإقليمية والدولية للانقلاب أمرًا بالغ الأهمية. دعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) إلى إعادة السلطة إلى الحكومة المدنية المنتخبة، وهددت بفرض عقوبات على غينيا بيساو.
من جانبها، أعربت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما العميق إزاء الانقلاب، ودعيا إلى الحوار والتسوية السياسية. قد تتضمن المساعدات الدولية شروطًا تتعلق بتحسين الحوكمة ومكافحة الفساد وتعزيز سيادة القانون.
تتزايد المخاوف بشأن تأثير هذا الانقلاب على جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، حيث يمكن أن يستغل الفراغ الأمني الذي خلفه الانقلاب لتعزيز أنشطة الجماعات المتطرفة. وتشير بعض التحليلات إلى أن عدم الاستقرار في غينيا بيساو قد يؤدي إلى انتشار العنف إلى الدول المجاورة.
تعتبر مكافحة الجريمة المنظمة، بما في ذلك تجارة المخدرات، من التحديات الرئيسية التي تواجه غينيا بيساو. يتطلب ذلك تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتوفير الدعم الفني والمالي لجيش وشرطة غينيا بيساو.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة الغينية العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان، وتوفير فرص عمل بديلة لقطاع الكاجو. يمكن أن يساعد ذلك في الحد من جاذبية الانخراط في الأنشطة الإجرامية.
من المتوقع أن تشهد غينيا بيساو في الأسابيع القادمة مفاوضات مكثفة بين القوى السياسية والأمنية، بهدف التوصل إلى حل للأزمة. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه المفاوضات ستنجح في إعادة السلطة إلى الحكومة المدنية، أو ما إذا كانت ستؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية جديدة. يجب مراقبة التطورات عن كثب، وتقييم تأثيرها على الاستقرار الإقليمي وجهود مكافحة الإرهاب و تجارة المخدرات.










