تواجه تطبيقات الذكاء الاصطناعي تحديات غير متوقعة في تحقيق وعودها بتحويل الصناعات وتحسين الإنتاجية، على الرغم من التطورات الهائلة في التكنولوجيا. ففي حين أثارت نماذج مثل ChatGPT إعجاب المستخدمين بقدراتها، إلا أن الدراسات تشير إلى أن هذه التقنيات لم تحقق بعد زيادة كبيرة في الكفاءة، باستثناء مجالات محدودة مثل البرمجة. تستكشف هذه المقالة الصعوبات التي تواجهها الشركات الناشئة في ترجمة إمكانات الذكاء الاصطناعي إلى حلول عملية ومفيدة للمستهلكين.
تحديات تطبيق الذكاء الاصطناعي في مجال الموضة
تعتبر قصة جولي بورنستين، مؤسسة شركة Daydream الناشئة، مثالاً واضحاً على هذه التحديات. بورنستين، التي تتمتع بخبرة واسعة في التجارة الرقمية، بما في ذلك مناصب قيادية في Nordstrom و Stitch Fix، كانت تعتقد أن إنشاء شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي لمساعدة العملاء في العثور على الملابس المثالية سيكون أمراً سهلاً. ولكن الواقع كان أكثر تعقيداً بكثير. فقد واجهت الشركة صعوبات في تحويل القدرات النظرية للذكاء الاصطناعي إلى تجربة مستخدم موثوقة وفعالة.
التعقيدات اللغوية وتفسير الطلبات
أحد أكبر التحديات التي واجهت Daydream هو فهم اللغة الطبيعية وتفسير طلبات العملاء المعقدة. فحتى طلب بسيط مثل “أحتاج إلى فستان لحفل زفاف في باريس” يتطلب فهماً دقيقاً للسياق، بما في ذلك هوية مرتدي الفستان (العروس، الأم، الضيفة)، والموسم، ومستوى الرسمية، والرسالة التي يرغب الشخص في إيصالها.
بالإضافة إلى ذلك، وجدت الشركة أن نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة تقدم تفسيرات متباينة لنفس الطلب. وفي بعض الأحيان، كانت النماذج تتجاهل بعض عناصر الطلب أو تقدم توصيات غير منطقية. على سبيل المثال، عندما طلب أحد المستخدمين فستاناً “يجعلني أبدو كساعة رملية” (لإخفاء شكل الجسم المستطيل)، اقترح النموذج فساتين ذات أنماط هندسية.
الحاجة إلى فرق فنية متخصصة
أدركت بورنستين أن تحقيق رؤيتها يتطلب استثماراً كبيراً في تطوير فريق فني متخصص. في ديسمبر 2024، قامت الشركة بتعيين ماريا بيلوسوفا، الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة Grubhub، والتي بدورها قامت بتجميع فريق من المهندسين الموهوبين. تعتبر Daydream أن العمل على هذه المشكلة المعقدة في مجال الموضة هو فرصة جذابة للمهندسين الموهوبين.
تحدي “مفردات” المشتري والبائع
أشارت بورنستين إلى وجود فجوة بين “مفردات” المشتري و “مفردات” البائع. فالبائعون يستخدمون فئات وخصائص محددة لوصف المنتجات، بينما يستخدم المشترون لغة أكثر وصفية وعاطفية. يتطلب الأمر جهداً كبيراً لدمج هاتين المفردتين في الوقت الفعلي. على سبيل المثال، قد يقول المشتري “أحتاج إلى فستان للانتقام في حفل بار ميتزفا حيث سيحضر حبيبى السابق مع زوجته الجديدة”، وهو طلب يتطلب فهماً عميقاً للسياق والمشاعر.
التحول نحو نماذج متعددة
بعد إعادة الهيكلة، حققت Daydream نتائج أفضل. بدلاً من الاعتماد على نموذج واحد، قررت الشركة استخدام مجموعة من النماذج المتخصصة، كل منها مسؤول عن جانب معين من عملية التوصية، مثل اللون، والنسيج، والموسم، والموقع. وتبين أن نماذج OpenAI جيدة في فهم العالم من منظور الملابس، بينما نماذج Google Gemini سريعة ودقيقة.
على الرغم من هذه التحسينات، لا يزال التطبيق في مرحلة الاختبار التجريبي (بيتا) حتى عام 2026. ففي اختبار حديث، أظهر طلب “بنطلون توكسيدو أسود” بنطلونات رياضية باللون البيج بالإضافة إلى ما طلبه المستخدم.
تعتبر تطبيقات التعلم الآلي مجالاً سريع التطور، ومن المتوقع أن تشهد المزيد من التحسينات في السنوات القادمة. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث والتطوير لترجمة إمكانات الذكاء الاصطناعي إلى حلول عملية ومفيدة للمستهلكين. من المقرر أن يتم تقييم أداء Daydream بشكل كامل في الربع الأول من عام 2026، مع التركيز على معدلات التحويل ورضا العملاء. وستكون هذه النتائج حاسمة في تحديد مستقبل الشركة ومستقبل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الموضة.









