واشنطن – استضاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادة رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية لتوقيع اتفاق سلام يهدف إلى إنهاء الصراع المستمر بين البلدين. وعلى الرغم من استمرار العنف على الأرض، أشاد ترامب بالاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة يوم الخميس باعتباره بداية فصل جديد للمنطقة. يمثل هذا الاتفاق خطوة مهمة نحو تحقيق السلام في الكونغو، بعد سنوات من عدم الاستقرار والنزاعات.
جهود السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية
تم التوصل إلى الاتفاق في الأصل في شهر يونيو، بعد محادثات أولية جمعت الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي ونظيره الرواندي بول كاجامي في قطر في شهر مارس. وقد جاءت مراسم التوقيع يوم الخميس لتتويج هذه الجهود. يهدف الاتفاق إلى معالجة الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك اتهامات متبادلة بدعم الجماعات المسلحة.
أسباب الصراع وتفاصيل الاتفاق
تركز الشكوى الرئيسية لرواندا على اتهامها للكونغو الديمقراطية بإيواء ميليشيات هوتو مرتبطة بإبادة الأرواح التي شهدتها رواندا عام 1994، والتي استهدفت بشكل رئيسي السكان التوتسي. بموجب الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة، تتعهد رواندا بإنهاء دعمها لحركة 23 مارس (M23)، وهي جماعة مسلحة مدعومة من رواندا، بينما ستساعد الكونغو الديمقراطية في “تحييد” ميليشيات القوات الديمقراطية لتحرير رواندا (FDLR).
بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الاتفاق من كلا البلدين احترام سيادة بعضهما البعض وسلامة أراضيهما. أكد الرئيس تشيسيكيدي أن شروط الاتفاق تمثل “نقطة تحول” للمنطقة، وأنها “تجمع تحت هيكل متماسك إعلان مبادئ اتفاق السلام وإطار التكامل الاقتصادي الإقليمي لتوفير منظور جديد للشعوب في المنطقة”.
تفاؤل حذر ومخاوف مستمرة
من جانبه، قال الرئيس كاجامي إن نجاح الاتفاق يعتمد على البلدين أنفسهما. وأوضح: “ستكون هناك صعود وهبوط على الطريق المقبل، لا شك في ذلك”. وأضاف أن رواندا “لن تتخلف عن الموعد”. ومع ذلك، يرى مراقبون أن الصراع “أكثر تجذراً وعدوانية مما يعتقد الكثيرون”، مما يضع ضغوطاً على الولايات المتحدة والقادة الأفارقة والبلدين المعنيين لضمان تحول الاتفاق إلى سلام دائم.
على الرغم من توقيع اتفاق منفصل مع حركة 23 مارس في شهر يوليو، إلا أن القتال في المناطق الشرقية من الكونغو الديمقراطية مستمر. وقالت إدث شيبالونزا أماني، وهي مقيمة في مدينة غوما التي سيطرت عليها حركة 23 مارس في وقت سابق من هذا العام: “ما زلنا في حالة حرب. لا يمكن أن يكون هناك سلام طالما أن الجبهات لا تزال نشطة”.
صفقة تجارية جديدة للمعادن النادرة
أعلن الرئيس ترامب خلال مراسم التوقيع أن الولايات المتحدة ستوقع صفقات ثنائية مع الكونغو الديمقراطية ورواندا لشراء المعادن النادرة من البلدين. وأضاف: “سنشارك مع إرسال بعض أكبر وأعظم شركاتنا إلى البلدين. وسنقوم باستخراج بعض المعادن النادرة، واستخراج بعض الأصول والدفع. الجميع سيجني الكثير من المال”. تستخدم المعادن النادرة في التقنيات الناشئة وإنتاج الطاقة والأجهزة الطبية.
تباين في السياسة الخارجية الأمريكية
يأتي هذا الاتفاق في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس ترامب علناً للحصول على جائزة نوبل للسلام، مدعياً أنه حل ثمانية صراعات عالمية، وهو رقم محل جدل. ومع ذلك، فإن احتضانه لقادة الكونغو الديمقراطية ورواندا يتناقض بشكل صارخ مع تصريحاته المهينة تجاه دول أفريقية أخرى، مثل الصومال، حيث وصفها بأنها “جحيم” وأنها “تنتن”. كما وصف الجالية الصومالية في الولايات المتحدة بأنها “قمامة”.
الخطوات التالية والتوقعات المستقبلية
الخطوة التالية الحاسمة هي التنفيذ الفعلي للاتفاق على الأرض، بما في ذلك وقف إطلاق النار الكامل من قبل جميع الأطراف المعنية، ونزع سلاح الجماعات المسلحة، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع. من المتوقع أن تلعب الولايات المتحدة دوراً رئيسياً في مراقبة التنفيذ وتقديم الدعم اللازم. يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الاتفاق سيؤدي إلى تحقيق السلام الدائم في المنطقة، أم أنه سيكون مجرد هدنة مؤقتة. يجب مراقبة تطورات الوضع عن كثب، خاصة فيما يتعلق بالتزام الأطراف المعنية بتنفيذ بنود الاتفاق، والاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة للسكان المتضررين من الصراع، وتعزيز التعاون الإقليمي لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل. كما أن مستقبل استثمار الولايات المتحدة في الموارد الطبيعية في المنطقة سيكون مؤشراً هاماً على مدى جدية التزامها بالسلام والاستقرار.










