أفشل الرئيس البنيني باتريس تالون، حسبما أعلن، محاولة انقلاب في البلاد، ووعد بمعاقبة المسؤولين. وجاء الإعلان، الذي بثه التلفزيون الرسمي مساء الأحد، بعد 12 ساعة من سماع أصوات إطلاق نار في كوتونو، أكبر مدن بنين، وخروج جنود على التلفزيون الرسمي مدعين أنهم أطاحوا بتالون من السلطة. وتعتبر هذه المحاولة الأخيرة تهديدًا للحكم الديمقراطي في المنطقة، حيث شهدت دول مجاورة مثل النيجر وبوركينا فاسو، بالإضافة إلى مالي وغينيا بيساو، انقلابات عسكرية في السنوات الأخيرة. وتأتي هذه الأحداث في ظل استعداد بنين للاستعداد لانتخابات رئاسية في أبريل المقبل.
محاولة الانقلاب في بنين: تفاصيل وتداعيات
تمكنت القوات الموالية للحكومة، وفقًا لبيان الرئيس تالون، من إحباط هذه “المغامرة”. وأكد تالون أن “هذه الخيانة لن تمر بلا عقاب”، مشيرًا إلى أن التحقيقات جارية لتحديد جميع المتورطين وتقديمهم للعدالة. وذكرت مصادر عسكرية وأمنية لوكالة فرانس برس أنه تم اعتقال حوالي 12 جنديًا مساء الأحد.
الأسباب المعلنة للانقلاب
أشار منفذو الانقلاب في بيانهم التلفزيوني إلى تدهور الوضع الأمني في شمال بنين، بالإضافة إلى “التجاهل والإهمال الذي لحق بإخواننا الذين سقطوا”. وتواجه بنين، مثل جيرانها، تصاعدًا في الهجمات التي تشنها جماعات مسلحة.
على الرغم من نجاح الرئيس تالون في تحسين الأداء الاقتصادي للبلاد، إلا أن الوضع الأمني المتدهور قد يكون ساهم في خلق بيئة مواتية لظهور محاولات لزعزعة الاستقرار. كما يرى البعض أن التوتر السياسي الداخلي، بما في ذلك سجن معارضي الرئيس تالون، قد لعب دوراً في هذه المحاولة.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أصدرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بيانًا أدانت فيه بشدة محاولة الانقلاب العسكري، وأعلنت دعمها لجهود الحكومة البنينية لاستعادة النظام. كما أعرب الاتحاد الأفريقي عن إدانته القوية للانقلاب، مؤكدًا دعمه الكامل للرئيس تالون. وأكد رئيس الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، استعداد الاتحاد للتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لدعم الحكومة والشعب البنيني نحو استعادة النظام الدستوري وتعزيز المؤسسات الديمقراطية.
ويرى مراقبون أن هذه المحاولة، على الرغم من فشلها، تعكس حالة عدم الاستقرار المتزايدة في منطقة غرب أفريقيا. فقد شهدت المنطقة سلسلة من الانقلابات العسكرية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وغينيا بيساو.
وفي الشهر الماضي، استولى ضباط الجيش في غينيا بيساو على السلطة في انقلاب عسكري، وتم تعيين الجنرال هورتا إنتا-أ رئيسًا لحكومة انتقالية مدتها عام واحد. وتعاني غينيا بيساو من تاريخ طويل من محاولات الانقلاب، حيث شهدت البلاد تسع محاولات انقلاب منذ استقلالها عن البرتغال عام 1974.
وفي عام 2023، أطاح قائد عسكري، بريس أوليغي نغيما، بالرئيس الغابوني علي بونغو أونديمبا، الذي حكم البلاد لمدة 56 عامًا تقريبًا. كما شهدت النيجر انقلابًا عسكريًا أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيًا محمد بازوم، الذي حكم لمدة عامين فقط قبل الإطاحة به من منصبه. وفي بوركينا فاسو، أطيح بالرئيس بول هنري داميبا في انقلاب عسكري، وهو الانقلاب الثاني في البلاد خلال عام واحد. وفي مالي، قاد الجنرال أسيمي غويتا جنودًا للاستيلاء على السلطة في انقلاب عام 2020.
محاولة الانقلاب في بنين تأتي في سياق هذه التطورات الإقليمية، مما يزيد من المخاوف بشأن مستقبل الديمقراطية في غرب أفريقيا.
من المتوقع أن تشهد بنين تحقيقات مكثفة في محاولة الانقلاب، وأن يتم اتخاذ إجراءات قانونية ضد المتورطين. كما من المرجح أن تزيد الحكومة من إجراءات الأمن لمواجهة أي تهديدات مستقبلية. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية في أبريل، ستكون الأيام والأسابيع القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت بنين ستتمكن من الحفاظ على استقرارها الديمقراطي. يبقى الوضع قابلاً للتطور، ويتعين مراقبة التطورات السياسية والأمنية في البلاد عن كثب.










