اتهم الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي رواندا بانتهاك اتفاق السلام الجديد الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، بالتزامن مع تقدم مقاتلي حركة 23 مارس (M23) نحو مدينة أوفيرا. وتأتي هذه الاتهامات في وقت حرج، حيث يراقب المجتمع الدولي الوضع المتدهور في شرق الكونغو الديمقراطية، ويخشى من عودة العنف واسع النطاق. وتعتبر حركة 23 مارس (M23) من أبرز التحديات الأمنية التي تواجه الكونغو الديمقراطية.
تصعيد القتال واتهامات بانتهاك الاتفاق
أدلى تشيسيكيدي بهذه التصريحات أمام البرلمان يوم الاثنين، زاعمًا أن القوات الرواندية نفذت هجمات في عدة مواقع في مقاطعة كيفو الجنوبية في الأيام التي تلت توقيع اتفاق السلام في واشنطن العاصمة في الرابع من ديسمبر. يهدف الاتفاق إلى إنهاء سنوات من الصراع في المنطقة. ووفقًا لتشيسيكيدي، فقد نفذ الجيش الرواندي ودعم هجمات بأسلحة ثقيلة “في اليوم التالي مباشرة لتوقيع الاتفاق”.
لم تصدر رواندا تعليقًا فوريًا على هذه الاتهامات. ومع ذلك، نقلت وكالة الأناضول للأنباء عن وزير الخارجية الرواندي، أوليفر ندهونجيريه، وصفه للاتهامات المماثلة ضد الجيش الرواندي بأنها “سخيفة” ومحاولة لإلقاء اللوم على الآخرين. وتصر رواندا على أنها لا تدعم حركة 23 مارس (M23)، لكنها تشعر بالتهديد من الجماعات المسلحة المرتبطة بالإبادة الجماعية الرواندية عام 1994 الموجودة في شرق الكونغو الديمقراطية.
خلفية الصراع
يعود الصراع في شرق الكونغو الديمقراطية إلى عقود، ويتأثر بعوامل متعددة، بما في ذلك التنافس على الموارد الطبيعية، والتوترات العرقية، والتدخلات الإقليمية. وقد شهدت المنطقة سلسلة من الحروب الأهلية والصراعات المسلحة التي أدت إلى مقتل وتشريد الملايين.
تقدم مقاتلي حركة 23 مارس (M23) نحو أوفيرا
تشهد مدينة أوفيرا، القريبة من الحدود مع بوروندي، تقدمًا سريعًا لمقاتلي حركة 23 مارس (M23)، وهي آخر مدينة رئيسية في مقاطعة كيفو الجنوبية لم تسقط في يد الجماعة. أفادت وكالة فرانس برس للأنباء أن مئات الجنود الكونغوليين وحلفائهم البورونديين قد لجأوا إلى بوروندي وسط تقدم الجماعة. ويشكل هذا التقدم تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي.
كما وردت تقارير عن اشتباكات بالقرب من لوفونغي، وهي بلدة تبعد حوالي 60 كيلومترًا شمال أوفيرا. وذكرت وكالة رويترز للأنباء، نقلاً عن السكان المحليين، أن مقاتلي حركة 23 مارس (M23) قد سيطروا على القرية. بالإضافة إلى ذلك، اندلعت معارك في بلدة سانغي القريبة، حيث قُتل ما يصل إلى 36 شخصًا في هجمات بقنابل أو قذائف يدوية، وفقًا لتقارير رويترز.
وفي تطور منفصل، أدانت وزارة الخارجية البوروندية ما وصفته بهجوم من رواندا على أراضيها بالقرب من سبيتيكي، وهي بلدة حدودية بين رواندا والكونغو الديمقراطية، مما أدى إلى إصابة شخصين، أحدهما طفل يبلغ من العمر 12 عامًا. وتزيد هذه الحوادث من تعقيد الوضع وتؤجج التوترات الإقليمية.
ردود الفعل الدولية
أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن “قلقها العميق” إزاء استمرار العنف في شرق الكونغو الديمقراطية. وأكد متحدث باسم الوزارة أن رواندا، التي تواصل تقديم الدعم لحركة 23 مارس (M23)، يجب أن تمنع المزيد من التصعيد. وأشار مسؤول كبير في إدارة ترامب إلى أن الولايات المتحدة تراقب الوضع “بما في ذلك المناطق التي لا تتماشى فيها الإجراءات على الأرض مع الالتزامات التي تم التعهد بها”.
على الرغم من إشادة الرئيس ترامب بالاتفاق “المعجزة” الذي تم توقيعه يوم الخميس، والذي يتضمن عنصرًا اقتصاديًا يهدف إلى تأمين إمدادات الولايات المتحدة من المعادن الحيوية، إلا أن المراقبين يشككون في قدرته على تحقيق السلام. فقد فشلت سلسلة من اتفاقيات وقف إطلاق النار في إنهاء القتال في المنطقة المضطربة على مر السنين. وتعتبر المنطقة غنية بالموارد الطبيعية، مما يزيد من حدة الصراع.
من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة وقطر في جهودهما الدبلوماسية للضغط على الأطراف المتنازعة للالتزام بالاتفاق. ومع ذلك، فإن مستقبل السلام في شرق الكونغو الديمقراطية لا يزال غير مؤكد، ويتوقف على قدرة الأطراف المعنية على حل خلافاتها ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع. وسيكون من الضروري مراقبة تطورات الوضع عن كثب في الأسابيع والأشهر القادمة.










