حذرت دراسة حديثة من أن الإفراط في تناول مشروبات الطاقة قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، خاصةً لدى الأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة منها بانتظام. وقد عالج الباحثون حالة لرجل في الخمسينيات من عمره، كان يتمتع بصحة جيدة نسبياً، إلا أن استهلاكه اليومي لثمانية عبوات من مشروبات الطاقة أدى إلى ارتفاع حاد في ضغط الدم، وتبع ذلك إصابته بسكتة دماغية.
وقد سلطت هذه الحالة الضوء على المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة بهذه المشروبات، والتي تحظى بشعبية واسعة بين الشباب. ويدعو الباحثون إلى تشديد الرقابة على بيع وإعلانات مشروبات الطاقة، وزيادة التوعية بالمخاطر الصحية المرتبطة بها.
مخاطر الإفراط في تناول مشروبات الطاقة
أصيب الرجل بسكتة دماغية في منطقة المهاد، وهي جزء من الدماغ مسؤول عن الإحساس والحركة. وظهرت عليه أعراض ضعف في الجانب الأيسر من الجسم، وخدر، وصعوبات في التوازن والمشي والبلع والكلام. عند دخوله المستشفى، كان ضغط دمه مرتفعاً للغاية، حيث سجل 254/150 ملم زئبق. على الرغم من العلاج الدوائي الأولي الذي أدى إلى انخفاض ضغط الدم، إلا أنه عاد للارتفاع بمجرد عودة المريض إلى المنزل.
وكشف التحقيق اللاحق أن المريض كان يستهلك ما معدله ثمانية أكواب يومياً من مشروبات الطاقة، تحتوي كل منها على 160 ملليجرام من الكافيين. وهذا يعادل ما بين 1200 و 1300 ملليجرام من الكافيين يومياً، وهو ما يتجاوز بكثير الحد الأقصى الموصى به، والذي يبلغ 400 ملليجرام فقط.
تأثير الكافيين والمكونات الأخرى
تشير الدراسة إلى أن مشروبات الطاقة لا تحتوي على الكافيين فقط، بل تتضمن أيضاً مكونات أخرى مثل التورين والجينسنج والجوارانا والجلوكورونولاكتون، والتي قد تزيد من تأثير الكافيين على الجسم. ويعتقد أن بعض هذه المكونات، مثل الجوارانا، تحتوي على “كافيين خفي” يزيد من الجرعة الإجمالية المستهلكة.
وبحسب الباحثين، فإن التفاعل بين هذه المكونات المختلفة مع الكافيين قد يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب من خلال آليات متعددة، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم المفاجئ، واضطراب نظم القلب، وتضييق الأوعية الدموية. ارتفاع ضغط الدم هو عامل خطر رئيسي للإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية.
التنظيم والوعي العام
في عام 2018، نفذت العديد من المتاجر في بريطانيا حظراً طوعياً على بيع مشروبات الطاقة للأشخاص دون سن 16 عاماً، وذلك في إطار جهود لمكافحة السمنة والسكري وتسوس الأسنان. ومع ذلك، لا تزال الأبحاث حول المخاطر المحتملة لهذه المشروبات على صحة القلب والأوعية الدموية محدودة، خاصةً بين الشباب.
ويؤكد الباحثون على أهمية زيادة الوعي العام بمخاطر مشروبات الطاقة، خاصةً بين الشباب الذين قد لا يدركون المخاطر الصحية المحتملة. كما يدعون إلى فرض قيود أكثر صرامة على بيع هذه المشروبات والإعلانات المصاحبة لها، بما في ذلك وضع تحذيرات صحية واضحة على العبوات.
وبعد توقف المريض عن تناول مشروبات الطاقة، عاد ضغط دمه إلى مستواه الطبيعي ولم يعد بحاجة إلى أدوية لخفض الضغط. ومع ذلك، لم يستعد المريض الإحساس الكامل في جانبه الأيسر. وأشار المريض إلى أنه لم يكن على دراية بالمخاطر التي تسببها هذه المشروبات لصحته.
ويشير الخبراء إلى أن الاستهلاك المفرط لمشروبات الطاقة، حتى بين الأصحاء نسبياً، قد يؤدي إلى ارتفاع خطير في ضغط الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية. صحة القلب تتأثر بشكل كبير بتناول هذه المشروبات.
من المتوقع أن تقوم الجهات الصحية المعنية بمراجعة هذه النتائج وتقييم الحاجة إلى اتخاذ تدابير تنظيمية إضافية للحد من استهلاك مشروبات الطاقة، خاصةً بين الشباب. كما سيتم التركيز على حملات التوعية العامة لتثقيف المستهلكين حول المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة بهذه المشروبات. ستكون متابعة الدراسات المستقبلية ضرورية لتقييم مدى تأثير هذه التدابير على الصحة العامة.










