تتصاعد الأزمة الإنسانية في السودان، حيث أصبح البلد أكبر أزمة نزوح في العالم، مع نزوح ما يقرب من 12 مليون شخص من ديارهم. يستمر الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، مما أدى إلى تفاقم الوضع وتجاهل دولي ملحوظ. هذا المقال يسلط الضوء على الوضع في السودان، والجرائم المرتكبة، والجهود الدولية المبذولة، والتحديات التي تواجهها.
الحرب في السودان: أزمة إنسانية متفاقمة
اندلع الصراع في السودان بعد انهيار التحالف الهش بين الجيش وقوات الدعم السريع، اللذين تعاونا لسنوات تحت حكم الرئيس السابق عمر البشير. تفاقم الوضع بعد اتفاق تقاسم السلطة غير المستقر في عام 2021. تسببت المعارك العنيفة في خسائر فادحة في الأرواح وتدمير البنية التحتية، مما أدى إلى أزمة إنسانية حادة.
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 30 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وأن حوالي 21.2 مليون شخص، أو 45٪ من السكان، يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وقد أدى الصراع أيضًا إلى تقويض الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم، مما يزيد من معاناة المدنيين.
الجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات
أعربت منظمات دولية وحقوقية عن قلقها العميق إزاء الجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات التي ترتكب في السودان. اتهمت تقارير قوات الدعم السريع بارتكاب عمليات اغتصاب جماعي، واستهداف عرقي، ونهب ممنهج. كما وثقت هذه التقارير هجمات على العاملين في المجال الإنساني والمستشفيات.
في حادثة مروعة، قُتل 114 شخصًا، بينهم 63 طفلاً، في سلسلة غارات جوية متكررة في منطقة جنوب كردفان في 4 ديسمبر، استهدفت روضة أطفال ومستشفى قريبًا، وفقًا لمدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس. وأشار إلى أن المسعفين والمستجيبين تعرضوا للهجوم أثناء محاولتهم نقل الجرحى.
شبكة الأطباء السودانية، وهي منظمة طبية، اتهمت قوات الدعم السريع بالوقوف وراء هذه الهجمات. كما اتُهمت قوات الدعم السريع بقتل أكثر من 400 عامل إغاثة ومريض في أكتوبر في مستشفى الولادة السعودي في مدينة الفاشر بشمال دارفور. وقد أدى حصار قوات الدعم السريع للفاشر إلى نزوح ما لا يقل عن 28 ألف شخص إلى البلدات المجاورة.
الجهود الدولية والقيود
على الرغم من خطورة الوضع، يرى مراقبون أن الصراع في السودان لم يحظ بنفس القدر من الاهتمام الدولي أو الغضب الذي أثارته الصراعات في أوكرانيا وغزة. يعزو البعض ذلك إلى عدم وجود عنصر تنافس القوى العظمى أو صراع إقليمي في السودان.
أعرب النائب الجمهوري عن ولاية نيوجيرسي، كريس سميث، رئيس اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية الأفريقية في مجلس النواب الأمريكي، عن قلقه العميق إزاء الوضع في السودان، واصفًا إياه بأنه “كارثة تواجه بالشلل من قبل المجتمع الدولي”. ودعا سميث إلى وقف فوري للأعمال القتالية بين الفصائل المتحاربة، وإلى التحقيق في الجرائم ضد الإنسانية ومحاسبة مرتكبيها.
في نوفمبر، أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب عن عزمه على التوسط في اتفاق سلام في السودان، بعد اجتماعه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. ومع ذلك، على الرغم من هذه الجهود، لا تزال الاشتباكات مستمرة.
تواجه جهود الإغاثة صعوبات كبيرة بسبب القيود المفروضة على الوصول إلى المناطق المتضررة. منعت القوات المسلحة السودانية وصول العاملين في المجال الإنساني إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها بحجة السيادة، وطردت العاملين الإنسانيين المتواجدين في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تعيق صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة جهود توثيق جرائم الحرب وجمع الشهادات.
تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 400 ألف شخص قد قُتلوا منذ اندلاع العنف في عام 2023، وفقًا لتوم بيرييلو، المبعوث الخاص السابق للولايات المتحدة إلى السودان. وصف تقرير صادر عن مجلة “فورين بوليسي” الحرب بأنها “حرب منسية” وأشار إلى أن عدد القتلى قد بلغ 100 ألف شخص.
من المتوقع أن يستمر الوضع في السودان في التدهور ما لم يتم تحقيق وقف إطلاق نار دائم وتوفير الحماية للمدنيين. يجب على المجتمع الدولي تكثيف جهوده لتقديم المساعدة الإنسانية، والضغط على الفصائل المتحاربة للعودة إلى طاولة المفاوضات، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. ما زال مستقبل السودان غير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة وتدخلًا فعالًا من المجتمع الدولي.










