أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تصريحات مثيرة للجدل، أنه لم يستبعد احتمال تدخل عسكري في فنزويلا، وذلك بعد أيام من فرض حظر شامل على صادرات النفط من وإلى البلاد. وتأتي هذه التصريحات في ظل توترات متصاعدة بين واشنطن وكاراكاس، وتزامناً مع تعزيز أمريكا لحضورها العسكري في المنطقة، مما يثير مخاوف من تصعيد الأزمة إلى مواجهة مسلحة. وتعتبر هذه الخطوات جزءاً من جهود الإدارة الأمريكية للضغط على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وفي مقابلة مع شبكة NBC NEWS، أجاب ترامب بنعم عندما سُئل عما إذا كان يترك الحرب مع فنزويلا على الطاولة. وأشار إلى أن المزيد من عمليات مصادرة ناقلات النفط قد تحدث، بعد أن صادرت الولايات المتحدة بالفعل ناقلة قريبة من السواحل الفنزويلية الأسبوع الماضي. لكنه امتنع عن تحديد جدول زمني للتدخل المحتمل، مبيناً أن الأمر يعتمد على تصرفات الحكومة الفنزويلية.
الوضع في فنزويلا والخيارات الأمريكية
تأتي تصريحات ترامب بعد فترة طويلة من الضغط الاقتصادي والسياسي الذي تمارسه الولايات المتحدة على فنزويلا، بهدف الإطاحة بمادورو وإعادة الديمقراطية إلى البلاد. وقد فرضت واشنطن عقوبات متعددة على المسؤولين الفنزويليين وشركات النفط التابعة للحكومة. وتدعي الإدارة الأمريكية أن هذه الإجراءات تستهدف مكافحة تهريب المخدرات وتمويل الإرهاب المرتبط بها من قبل فنزويلا.
إلا أن هذه الادعاءات قوبلت بشكوك من قبل البعض، الذين يرون أن الهدف الرئيسي من هذه الإجراءات هو السيطرة على احتياطيات النفط الضخمة في فنزويلا. فقد كشفت مصادر لمجلة “بوليتيكو” أن إدارة ترامب كانت على اتصال بشركات النفط الأمريكية لاستكشاف إمكانية عودتها إلى فنزويلا في حال رحيل مادورو، لكن الشركات أبدت “رفضاً قاطعاً” بسبب المخاطر والشكوك المحيطة بالاستثمار في البلاد.
تأثير أسعار النفط العالمية
وقالت “بوليتيكو” إن وفرة المعروض من النفط في الأسواق العالمية، وانخفاض الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات، يمنح ترامب هامشاً أكبر للمناورة في سياساته تجاه فنزويلا. كما أن الأسواق لم تظهر رد فعل قوي تجاه الضربات العسكرية الأخيرة التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران، مما يشير إلى درجة من عدم الاكتراث الدولي بالتصعيدات العسكرية في المنطقة.
في سياق منفصل، أعلن ترامب عن “علاوة المحارب” بقيمة 1776 دولارًا لأعضاء الجيش الأمريكي، مشيرًا إلى أنها ستُصرف “قريباً جداً” وتموَّل من خلال الرسوم الجمركية. إلا أن مسؤولين في الإدارة أكدوا أن هذه المكافأة ستُدفع من أموال مخصصة لإسكان العسكريين، وليس من الرسوم الجمركية كما ادعى ترامب.
الرعاية الصحية وتصريحات ترامب
وتطرق ترامب أيضًا إلى موضوع الرعاية الصحية، منتقدًا شركات التأمين الصحي الكبرى. وادعى أن قانون الرعاية الصحية الميسرة (أوباما كير) سيلغى تلقائيًا لأن الناس لن يرغبوا في استخدامه بسبب ارتفاع تكاليفه. لكنه أوضح أنه لا يرى ضرورة لإلغاء القانون بشكل رسمي.
يأتي هذا في وقت يشهد فيه قانون الرعاية الصحية الميسرة ارتفاعًا متوقعًا في أقساط التأمين الصحي، بعد أن رفض الجمهوريون في مجلس النواب تمديد الإعانات المالية التي تخفض تكاليف التأمين للمواطنين ذوي الدخل المنخفض. وهذا الأمر يثير جدلاً واسعاً حول مستقبل الرعاية الصحية في الولايات المتحدة.
هذه التصريحات تعكس حالة من عدم اليقين والتوتر فيما يتعلق بالوضع في فنزويلا. وتشير إلى أن الإدارة الأمريكية لا تزال تدرس خياراتها، بما في ذلك خيار التدخل العسكري. من المرجح أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة المزيد من التطورات في هذا الملف، حيث من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة الضغط على مادورو، بينما تحاول فنزويلا البحث عن حلفاء دوليين لمواجهة هذا الضغط. يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت هذه التوترات ستتحول إلى صراع مسلح، وما هو السيناريو المحتمل للمستقبل الإقليمي.
يتوقع أن تواصل الولايات المتحدة مراقبة الوضع في فنزويلا عن كثب، مع التركيز بشكل خاص على تدفق النفط وأي نشاط مشبوه قد يشير إلى تمويل للإرهاب أو تهريب المخدرات. ومن غير الواضح في الوقت الحالي ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستتخذ خطوات إضافية لتصعيد الضغط على مادورو، أم أنها ستعتمد على العقوبات القائمة كأداة رئيسية في سياستها تجاه فنزويلا. يجب متابعة ردود الفعل الدولية على تصريحات ترامب ومراقبة تطورات الأوضاع على الأرض لتقييم الوضع بشكل كامل.










