أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعاً بإعلانه تعيين حاكم ولاية لويزيانا، جيف لاندري، مبعوثاً خاصاً للولايات المتحدة إلى جرينلاند، بهدف “دمج جرينلاند في الولايات المتحدة”. يأتي هذا الإعلان بعد عام واحد من محاولة سابقة لترامب لشراء الجزيرة، مما أثار ردود فعل دولية قوية وتوترات مع الدنمارك والاتحاد الأوروبي.
أكد ترامب أن هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز الأمن القومي الأمريكي، مشيراً إلى تزايد النشاط العسكري الروسي والصيني في المنطقة القطبية الشمالية. وقد أثارت هذه التصريحات مخاوف بشأن التوسع الأمريكي في المنطقة وتأثيره على السيادة الدنماركية.
تصاعد التوترات حول مستقبل جرينلاند
أعرب قادة الاتحاد الأوروبي عن دعمهم الكامل لسيادة الدنمارك على جرينلاند، معتبرين أن أي محاولة لضم الجزيرة تمثل انتهاكاً للقانون الدولي. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان نويل بارو أكدا على أن “جرينلاند تنتمي إلى شعبها، والدنمارك هي الضامن لذلك”.
ردود الفعل الأوروبية
أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن “سلامة الأراضي والسيادة هما مبادئ أساسية في القانون الدولي”. ومع ذلك، أشارت إلى أن الولايات المتحدة لا تزال حليفاً مهماً في الأمن القطبي الشمالي.
بدوره، صرح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عبر منصة “X” أن “احترام السيادة وسلامة الأراضي أمر أساسي للاتحاد الأوروبي وجميع دول العالم”. وأضاف أن أمن القطب الشمالي يمثل أولوية تتطلب التعاون مع الحلفاء والشركاء.
تعتبر الولايات المتحدة والدنمارك من أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي يهدف إلى توفير الدفاع الجماعي في حالة وقوع عدوان على أحد أعضائه. ومع ذلك، لم يسبق أن تم اختبار هذا المبدأ في حالة نشوب صراع بين أعضاء الحلف حول ضم أراضٍ.
موقف حلف الناتو
حتى الآن، التزم الأمين العام لحلف الناتو مارك روته الصمت بشأن هذه القضية. وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع ترامب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في مارس الماضي، رفض روته التعليق على السؤال المطروح، معرباً عن رغبته في عدم جر الناتو إلى هذا الخلاف.
أشار ترامب إلى أن الدنمارك أهملت جرينلاند، مؤكداً أنها لم تنفق أموالاً كافية على الجزيرة ولا توفر لها حماية عسكرية مناسبة. وأضاف أن الدنمارك وصلت إلى الجزيرة قبل 300 عام بالقوارب، معرباً عن ثقته بأن الولايات المتحدة فعلت الشيء نفسه.
تأتي هذه التطورات في ظل تزايد الاهتمام الدولي بالقطب الشمالي، بسبب ذوبان الجليد وتغير المناخ، مما يفتح فرصاً جديدة للاستكشاف والاستغلال الاقتصادي. كما أن الموقع الاستراتيجي للقطب الشمالي يجعله منطقة ذات أهمية متزايدة للأمن القومي للدول المطلة عليه، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين. الوضع الجيوسياسي في المنطقة (القطب الشمالي) يزداد تعقيداً.
يرى بعض المحللين أن محاولة ترامب لضم جرينلاند هي جزء من استراتيجيته الأوسع لتعزيز النفوذ الأمريكي في العالم، وتحدي النظام الدولي القائم. ويرون أيضاً أنها محاولة لاستغلال الموارد الطبيعية المحتملة في الجزيرة، على الرغم من أن ترامب نفى ذلك مؤخراً.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من التطورات في هذا الملف، حيث من المرجح أن تقوم الدنمارك والاتحاد الأوروبي بتصعيد جهودهما الدبلوماسية لإقناع الولايات المتحدة بالتراجع عن خططها. في الوقت نفسه، من غير الواضح ما إذا كان الكونجرس الأمريكي سيوافق على أي صفقة لضم جرينلاند، نظراً للمعارضة المحتملة من بعض النواب. يبقى الوضع غير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة للتطورات المستقبلية.










