كيف لطفل أن يولد في ظروفٍ صعبة، رغم تعرضه للإجهاض ،ومع ذلك يكبر وينمو وينافس سابقيه وكل من أتوا بعده ويحقق النجاح.
عن مهرجان “كان” أتحدث، أحد أضلاع المثلث الأوروبي للمهرجانات السينمائية،والذي تتقابل زاويته مع مهرجان البندقية بإيطاليا ومهرجان برلين بألمانيا ،فيتنافس “كان” مع البندقية الأكبر منه وبرلين الأصغر منه، وينجح دوماً في تحقيق وجوده والحفاظ على نجاحه على مر السنين.
في قلب الريفيرا الفرنسية، حيث تتجسد الأناقة وتعانق التألق في حدث فني يُعد من أبرز تظاهرات السينما على مستوى العالم ،” مهرجان كان السينمائي” حيث يلتقي النجوم والمخرجون وعشاق السابعة بشغف وحماس لا يضاهى.
هذا المهرجان الذي يعتبر المسرح الرئيسي للأفلام البارزة والأعمال الفنية المتميزة، ومنصة لاكتشاف المواهب الجديدة.
في هذا المقال، سنأخذك في جولة ساحرة عبر أروقة هذا الحدث الباهر، حيث تلتقي الفنون والجمال في تكامل ساحر.
كانت البداية في عام ١٩٣٩ ولم يكن قد دخل المهرجان يومه الثالث حتى وصلت الأخبار بوجود اشتباكات بين فرنسا وألمانيا وكذلك بريطانيا فتوقف المهرجان حيث ازدادت الاشتباكات والتي عُرفت فيما بعد “بالحرب العالمية الثانية”
ومرت السنون ثم عاد الطفل ليبدأ ثاني خطواته بعد إصابة دام الكثير ،فكانت هذه الخطوة في عام ١٩٤٦ والتي شهدت افتتاحاً كبيراً بمجموعة هائلة من الأفلام كان أبرزها “نهاية الأسبوع المفقودة- إريس وقلب الملازم-لقاء مقتضب” … والعديد من الأفلام الأخرى.
وفي عام ١٩٤٧ حُجبت جائزة المهرجان ، ولن ننسى واقعة “أزمة الكرافتات” الشهيرة والتي حدثت في عام ١٩٤٩ حيث استغل الحضور طقس الريفيرا الرائع وذهبوا إلى الشواطىء بين عروض الأفلام ، مما جعلهم يحضرون بعض الأفلام بملابس غير مناسبة للعروض السينمائية ،وهنا حدث ارتباك لمنظمي الحفل مما جعلهم يختلقون كلاماً غير منطقي عن أن بعض الأفلام لا تتطلب الزي الرسمي ، وهذا ما أغضب مخرجي الأعمال التي ذهب إليها الحضور بملابس البحر حيث اعتبروا أن أفلامهم من الأفلام التي صُنفت على أنها أقل أهمية.
ثم توقف المهرجان بعد ذلك في عام ١٩٥٠ نظراً لعجز التمويل.
لكن هذا الطفل اكتسب نضوجاً من كل هذه الأزمات ،مما أثقله وجعله يستمر بعد ذلك في تحقيق نجاحات باهرة.
وقد كان.. وأصبح مهرجان “كان” السينمائي هو الحدث الذي ينقلنا إلى عالم الأحلام والخيال، حيث تتجلى روح السينما الفاخرة في كل جانب من جوانبه، فيتميز المهرجان بالفخامة والرقي في كل تفصيلة، بدءا من السجادة الحمراء التي تمتد على طول الدرج الشهير إلى قاعة العروض الفخمة التي تعرض فيها الأفلام.
ويشهد المهرجان حضور نخبة من نجوم السينما العالمية وصناع الأفلام البارزين، مما يضفي عليه أجواءً من الأهمية والريادة، إن المهرجان ليس مجرد عرض أفلام، بل هو أيضًا منصة للتعاون والتفاعل الفني، حيث يتيح للمخرجين والمنتجين والممثلين من جميع أنحاء العالم فرصة الاجتماع وتبادل الأفكار وتقديم الأعمال الجديدة والمبتكرة.
كما يتضمن المهرجان فعاليات جانبية مثيرة مثل الندوات وورش العمل والمعارض الفنية التي تعزز التواصل والتفاعل بين الفنانين والجمهور، وتكمن جاذبية المهرجان في تنوع الأفلام المعروضة، حيث يمكن للمشاهدين استكشاف مجموعة واسعة من الأعمال السينمائية الابتكارية والتجريبية من مختلف أنحاء العالم.
إن مهرجان كان السينمائي هو مزار السينما العالمية، حيث يتحقق فيه حلم الحصول على السعفة الذهبية،
ففوز فيلم بالسعفة الذهبية يُعتبر إنجازًا هائلاً ويُضفي على الفيلم شهرة عالمية واهتمام كبير، فعلى مر السنين، تُحقق الأفلام الفائزة بالسعفة الذهبية تقديرًا كبيرًا من النقاد والجمهور، وغالبًا ما تكون من بين الأفلام البارزة والمهمة في تاريخ السينما.
ويعود تاريخ السعفة الذهبية إلى العام ١٩٥٥، حيث تم تقديمها للمرة الأولى في الدورة الثامنة لمهرجان كان السينمائي، ومنذ ذلك الحين، أصبحت السعفة الذهبية رمزًا للتميز السينمائي وشهادة عالمية على جودة الفيلم.
ها ، قد كبر الطفل وأصبح رجلاً، رغم العواصف والتحديات، ويظل مهرجان كان السينمائي شعلة مشرقة في عالم الفن، فنجاحه المستمر يعكس إرادة المبدعين والفنانين في تحقيق التميز وإلهام الجماهير.
“إن الفن ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو لغة تجمع الشعوب وتنقل الأفكار والمشاعر”.
وهنا ، أؤكد على أن المهرجانات الفنية العظيمة تزدهر بروح الإصرار والتفاني، فمهرجان كان السينمائي يعكس قوة الفن في التغلب على الصعاب والازدهار عبر الزمن.
وعلى مر السنين، استمر هذا المهرجان الساحر في إثراء عالم السينما بأعماله البارزة وإلهامه الذي لا ينضب، ونجاحه يذكرنا بأن “الفن هو قوة تحرك العقول وتوحد الثقافات”.
نحن ممتنون لروح المثابرة والتفوق التي تجعل مهرجان كان السينمائي يستمر في تألقه وتميزه على الرغم من التحديات.”
“وستظل السعفةٌ الذهبية تشع ببريق العظمة، لتعلن بفخرعن أفلام تلمس الأرواح، وتعلو إلى القمم . “