أعلنت وزارة الأوقاف في اطار العناية بالقرآن الكريم وأهله والعمل على حسن تلاوته وفهم معانيه ومقاصده العامة، عن إجراء مسابقة قرآنية في القراءات التالية: (قراءة ورش عن نافع – قراءة قالون عن نافع – قراءة الدوري عن أبي عمرو البصري) من طريق الشاطبية، ويحق للمتسابق الاشتراك في المسابقة بقراءة واحدة أو بقراءتين أو بالقراءات الثلاثة؛ وذلك لأصحاب الصوت الحسن تحت سن 30 عامًا مع جوائز مالية قيمة لجميع من يجتازون الاختبارات المقررة للمسابقة.
وشددت الأوقاف: على الراغبين للتقدم تسجيل بياناتهم عبر الرابط التالي في غضون أسبوعين من تاريخه: اضغط هنا
دروس الهجرة النبوية الشريفة
وقد أكد علماء الأزهر والأوقاف أن المتأمل في الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة يستنبط منها دروسًا عظيمة وفوائد جمة، من أهمها ضرورة الأخذ بالأسباب، فالأخذ بالأسباب سنة كونية، حيث جعل الحق سبحانه لكل شيء سببًا، كما أنه عبادة إيمانية، فديننا دين التوكل والأخذ بالأسباب والعمل، لا التواكل والضعف والكسل، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا”، ولذلك اعتنى نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) بالأخذ بالأسباب في الهجرة عناية فائقة، حيث خطط (صلى الله عليه وسلم) للهجرة تخطيطًا واعيًا، واتخذ كل الوسائل التي تعينه على إنجاح مهمته، وفي الوقت ذاته كان قلبه متعلقًا بربه (عز وجل) يدعوه ويستنصره أن يكلل سعيه بالنجاح، فجمعت بذلك الهجرةُ النبويةُ المشرفةُ بين حسن التوكل على الله (عز وجل) وحسن الأخذ بالأسباب.
فكان التوقيت المناسب للخروج للهجرة مختارًا بعناية، حيث جاء نبينا (صلى الله عليه وسلم) إلى بيت أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) في وقت شديد الحر حتى لا يراه أحد، وكان الخروج ليلًا من بيت أبي بكر (رضي الله عنه)، فعَن السيدة عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) قَالَتْ: لَقَلَّ يَوْمٌ كَانَ يَأْتِي عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) إِلاَّ يَأْتِي فِيهِ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ أَحَدَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ ِ لَمْ يَرُعْنَا إِلاَّ وَقَدْ أَتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَنَا النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) فِي هَذِهِ السَّاعِةِ إِلاَّ لأَمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لأَبِي بَكْرٍ: “أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ”، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ، يَعْنِي: عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، قَالَ: أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، قَالَ: الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: “الصُّحْبَةَ”، كما بلغ الاحتياط عند النبي (صلى الله عليه وسلم) مداه، فاتخذ طرقًا غير مألوفة، واستعان (عليه الصلاة والسلام) بشخصيات ماهرة حكيمة لتُعاوِنه في شئون الهجرة، ووضع كل فرد في مكانه المناسب، الذي يحسن من خلاله القيام بمهمته على الوجه الأكمل، فنام عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) مكان نبينا (صلى الله عليه وسلم)؛ تمويهًا على المشركين، وأداءً لأمانات القوم، وكان دور عبد الله بن أبي بكر (رضي الله عنهما) مهمًّا في استطلاع الأخبار ورصدها.
كما تألَّق دور المرأة في الهجرة النبوية المباركة، حيث كانت ذات النطاقين السيدة أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما) تحمل الغذاء للنبي (صلى الله عليه وسلم) ولأبيها الصديق (رضي الله عنه)، كما كان عامر بن فهيرة يقوم بدور التمويه بأغنامه التي كانت تمحو آثار سير النبي (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه الصديق (رضوان الله عليه)، كما كان عبد الله بن أريقط دليل الهجرة الأمين، وخبير الصحراء البصير، مع أنه لم يكن مسلمًا.
وقال علماء الأوقاف، إن تدبير نبينا (صلى الله عليه وسلم) للأمور في الهجرة المشرفة على نحوٍ دقيق، قد تكامل مع اعتماده (صلى الله عليه وسلم) على ربه (جل وعلا) وثقته في نصره وتأييده (عز وجل)، فعَنْ أَبِي بَكْرٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: “مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا”، ويقول الحق سبحانه: “إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”، فكانت عناية الله تبارك وتعالى تحيط بنبيه ومصطفاه (صلى الله عليه وسلم)