حذرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في تقرير حديث من أن الصين تواصل تعزيز قدراتها العسكرية بهدف تحقيق “توحيد” مع تايوان، بما في ذلك احتمال استخدام القوة. يأتي هذا التحذير في ظل تصاعد التوترات بين بكين وتايبيه، وانتقاد صيني حاد لصفقة أسلحة أمريكية جديدة مع تايوان، حيث تعتبرها بكين بمثابة استفزاز يهدد الاستقرار الإقليمي.
وفي الأسبوع الماضي، وافقت إدارة الرئيس الأمريكي على بيع أسلحة لتايوان بقيمة 1.1 مليار دولار، تشمل صواريخ ومعدات دفاعية. وتشمل هذه الصفقة منصات إطلاق صواريخ محمولة على شاحنات، وصواريخ مضادة للدبابات، وقطع مدفعية، وطائرات مُسيرة. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من سياسة أمريكية طويلة الأمد لدعم تايوان، على الرغم من معارضة الصين الشديدة.
توسع القدرات العسكرية الصينية وتهديد تايوان
أشار تقرير البنتاجون إلى أن الجيش الصيني يحرز تقدمًا ملحوظًا في تطوير أسلحته وزيادة قدرته على العمل خارج أراضيه، مع التركيز بشكل خاص على العمليات المحتملة ضد تايوان. وبحسب التقرير، تهدف الصين إلى امتلاك القدرات اللازمة لـ “توحيد” تايوان بالقوة بحلول عام 2027، لكنها لا تزال غير متأكدة من قدرتها على غزو الجزيرة والسيطرة عليها بشكل كامل.
وأضاف التقرير أن الجيش الصيني يقوم بإجراء تعديلات مستمرة على خططه العسكرية لفرض التوحيد بالقوة، بما في ذلك اختبار سيناريوهات مختلفة لعمليات الإنزال البرمائي والضربات النارية والحصار البحري. وقد كثفت الصين من أنشطتها العسكرية بالقرب من تايوان في السنوات الأخيرة، بما في ذلك زيادة عدد الطائرات والسفن الحربية التي تدخل منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية.
مناورات “جس النبض” الصينية
كشف التقرير أن القوات الصينية نفذت خلال عام 2024 مناورات تهدف إلى “جس النبض” وتقييم الاستعدادات العسكرية لتايوان. وتشير البيانات إلى ارتفاع كبير في النشاط العسكري الصيني في المنطقة، حيث زاد عدد الحوادث داخل منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية بأكثر من 60% بين عامي 2023 و 2024.
وتعتبر الصين تايوان مقاطعة منشقة، وتؤكد أنها ستعيد توحيدها مع البر الرئيسي، بالقوة إذا لزم الأمر. في المقابل، تعتبر تايوان نفسها دولة ذات سيادة، وتحظى بدعم قوي من الولايات المتحدة، على الرغم من عدم وجود اعتراف رسمي بالعلاقات الدبلوماسية.
“الغموض الاستراتيجي” الأمريكي
تتبع الولايات المتحدة سياسة “الغموض الاستراتيجي” فيما يتعلق بالدفاع عن تايوان، وهي سياسة تهدف إلى إبقاء الصين في حالة عدم يقين بشأن ما إذا كانت واشنطن ستتدخل عسكريًا في حالة وقوع هجوم صيني على تايوان. تهدف هذه السياسة أيضًا إلى تثبيط تايوان عن إعلان الاستقلال رسميًا، وهو ما قد يعتبره الصينيون استفزازًا.
ومع ذلك، فقد أثارت هذه السياسة انتقادات من بعض الأطراف، التي تدعو إلى سياسة أكثر وضوحًا والتزامًا صريحًا بالدفاع عن تايوان. ويرى هؤلاء أن الوضوح في الموقف الأمريكي قد يردع الصين عن شن هجوم على تايوان.
الترسانة النووية الصينية
بالإضافة إلى التوترات المتعلقة بتايوان، أشار تقرير البنتاجون إلى أن الصين تواصل توسيع ترسانتها النووية. وقدر التقرير أن الصين تمتلك حاليًا أكثر من 600 رأس نووي، وتتوقع أن تزيد هذا العدد إلى أكثر من 1000 رأس نووي بحلول عام 2030.
وتثير هذه الزيادة في القدرات النووية الصينية قلقًا في الولايات المتحدة، التي ترى أن الصين تسعى إلى تحدي هيمنتها في مجال الأسلحة النووية. وقد دعت الولايات المتحدة الصين إلى إجراء محادثات حول ضبط التسلح، لكن بكين رفضت هذه الدعوات حتى الآن.
تطورات بحرية صينية
أوضح التقرير أن الصين تهدف إلى امتلاك ست حاملات طائرات بحلول عام 2035، مما سيزيد من قدرتها على الإسقاط البحري للقوة. وقد أنهت الصين مؤخرًا التجارب البحرية لحاملة الطائرات الثالثة، وهي الأولى التي صممت وبنيت بالكامل في الصين. وتتميز حاملة الطائرات الجديدة بتقنيات متطورة، بما في ذلك نظام إطلاق كهرومغناطيسي للطائرات.
بالإضافة إلى ذلك، تواصل الصين بناء قواعد عسكرية في بحر الصين الجنوبي، مما يزيد من نفوذها في المنطقة ويثير قلقًا لدى دول الجوار. وتعتبر الولايات المتحدة هذه القواعد بمثابة تهديد للملاحة الحرة والأمن الإقليمي.
في الختام، يشير تقرير البنتاجون إلى أن الصين تواصل تعزيز قدراتها العسكرية وتوسيع نطاق نفوذها، مما يزيد من التوترات في منطقة المحيط الهادئ. من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في مراقبة التطورات العسكرية الصينية عن كثب، وأن تسعى إلى ردع أي محاولات لزعزعة الاستقرار الإقليمي. وستكون القمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي والصيني في أبريل المقبل فرصة مهمة لمناقشة هذه القضايا وتقليل خطر التصعيد.










