في حدثٍ لافتٍ ضمن فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، استضاف المهرجان النجم العالمي أنتوني هوبكنز في جلسة حوارية جذبت أنظار الحضور والنقاد على حد سواء. وقد أثارت مشاركة أنتوني هوبكنز، التي تعدّ استثنائية بحضورها الشخصي، اهتماماً واسعاً بتجربته الفنية الطويلة وإسهاماته المتميزة في عالم السينما. الجلسة التي أدارها ريان عاشور، مدير معامل البحر الأحمر، شهدت تفاعلاً كبيراً من الجمهور الذي امتلأت به القاعة التي تتسع لـ868 مقعداً.
تأتي هذه المشاركة في إطار سعي المهرجان لاستقطاب نخبة من صناع الأفلام والممثلين العالميين، وتعزيز مكانته كمنصة رئيسية للسينما في المنطقة. وقد حرص هوبكنز على مشاركة الجمهور رؤيته الفنية وخبرته الممتدة عبر عقود من العمل في المسرح والسينما، مما أضفى على الجلسة قيمة فنية وثقافية كبيرة.
أنتوني هوبكنز يتحدث عن “صمت الحملان” وأسرار الشخصيات
تطرق هوبكنز إلى تجربته في فيلم “صمت الحملان” (The Silence of the Lambs) الشهير، وكيف تلقى السيناريو في البداية بشيء من الاستغراب. وأشار إلى أنه بعد قراءة بضعة صفحات، أدرك أن شخصية هانيبال ليكتر تمثل تحدياً فنياً فريداً، وأنها قد تكون الدور الأهم في مسيرته المهنية.
وأضاف أن فهمه للشخصية لم يكن قائماً على محاولة إيجاد مبررات لأفعالها، بل على تصويرها كـ “آلة” أو “عبقري” يفتقر إلى المشاعر الإنسانية. وقد أوضح أن هذا الفهم ساعده في تقديم أداء مقنع ومخيف للشخصية، وهو ما ساهم في نجاح الفيلم وشعبيته الواسعة. كما كشف عن تفاصيل تتعلق برؤيته للمشهد الأول الذي يظهر فيه ليكتر، وكيف أصر على الوقوف في منتصف الزنزانة للتعبير عن قدرته على “شم” رائحة الخوف من ضحاياه.
نصائح من كاثرين هيبورن وفلسفة الأداء
لم يقتصر حديث هوبكنز على فيلم “صمت الحملان” فحسب، بل امتد ليشمل فلسفته الخاصة في الأداء التمثيلي. وأشار إلى أن النجمة كاثرين هيبورن قد نصحته في بداية مسيرته بالتركيز على “أن تكون أنت” بدلاً من محاولة “التمثيل”، وأن يكتفي بنطق الحوار بطريقة طبيعية.
وأضاف أن الهدوء والتركيز هما مفتاح الأداء المؤثر، وأن المبالغة في التعبير عن المشاعر قد تقلل من قوة الشخصية. وقد قدم هوبكنز خلال الجلسة سلسلة من التقليدات الصوتية لنجوم آخرين مثل مارلون براندو ولورنس أوليفييه، لإظهار كيف يمكن للممثل أن يغير من طريقة أدائه باستخدام أدوات بسيطة مثل الصوت والإيقاع.
نظرة على مشاريع مستقبلية وانتقادات للجيل الجديد
تحدث هوبكنز عن مشاريع سينمائية جديدة يشارك فيها، من بينها فيلم “Wife and Dog” للمخرج جاي ريتشي، الذي وصفه بـ “العبقري الغريب”. كما أشار إلى دوره في فيلم “Ibelin” للمخرج مورتن تايلدم وفيلم “Maserati: The Brothers” للمخرج بوبي موريسكو.
وفي سياق آخر، وجه هوبكنز انتقادات للجيل الجديد من الممثلين الذين يلجأون إلى الهمس والتمتمة في أدائهم، معتبراً أن ذلك يقلل من قدرتهم على التواصل مع الجمهور. وأكد أن الممثل يجب أن يكون واضحاً ومسموعاً، وأن الجمهور يدفع ثمن التذكرة لكي يتمكن من فهم ما يقوله.
كما أضاف أن الممثلين الشباب يجب أن يتعلموا من رواد المهنة مثل مارلون براندو، وأن يدركوا أن التمثيل يتطلب تقنية عالية وجهداً كبيراً.
واختتم هوبكنز حديثه بتأملات فلسفية حول حياته ومسيرته المهنية، معرباً عن دهشته من النجاح الذي حققه، ومؤكداً أنه كان محظوظاً طوال الوقت. وأشار إلى أن الحياة مليئة بالألغاز، وأن الإنسان يجب أن يتعلم كيف يتعايش معها.
من المتوقع أن يعقد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي مؤتمراً صحفياً في الأيام القليلة القادمة لتقديم تفاصيل إضافية حول فعاليات الدورة الخامسة، بما في ذلك ردود الفعل على مشاركة أنتوني هوبكنز. كما يترقب النقاد والجمهور إعلان المهرجان عن أسماء النجوم والمخرجين الذين سيتم استضافتهم في الدورات القادمة، وعن المشاريع السينمائية التي سيتم دعمها وتطويرها.










