رفض مجلس إدارة شركة وارنر براذرز ديسكفري (Warner Bros. Discovery) عرض الاستحواذ المقدم من شركة باراماونت سكاي دانس (Paramount Skydance) بقيمة 108.4 مليار دولار، وذلك بسبب مخاوف تتعلق بالضمانات التمويلية الكافية. يأتي هذا الرفض في خضم منافسة شرسة للاستحواذ على الشركة الإعلامية العملاقة، حيث تتنافس باراماونت مع نتفليكس (Netflix) على ضم وارنر براذرز إلى محفظتها. هذا القرار يضع مستقبل وارنر براذرز في مهب الريح، ويؤثر على مشهد صناعة الترفيه العالمي.
أعلنت وارنر براذرز، في بيان رسمي، أن عرض باراماونت لم يقدم ضمانات تمويلية قوية بما يكفي لإتمام الصفقة، متهمةً باراماونت بـ “تضليل” المساهمين بشأن قدرة عائلة إليسون على توفير التمويل اللازم. ووفقًا للشركة، فإن التمويل الذي وعدت به عائلة إليسون، بقيادة لاري إليسون، المؤسس المشارك لشركة أوراكل، يعتمد على “صندوق ائتماني قابل للإلغاء وغير معروف”، مما يثير شكوكًا حول جدية العرض.
رفض عرض باراماونت: تفاصيل وأسباب
أشار مجلس إدارة وارنر براذرز إلى أن تقييمهم لعرض باراماونت يقل عن قيمة اتفاقية الاندماج المقترحة من قبل نتفليكس. وبموجب صفقة نتفليكس، سيحصل مساهمو وارنر براذرز على 27.75 دولارًا للسهم نقدًا، بالإضافة إلى حصة في شركة جديدة تضم شبكات الكابل التابعة لـ وارنر براذرز. ويرى المجلس أن هذا العرض يقدم قيمة أفضل للمساهمين.
بالإضافة إلى ذلك، أعرب مجلس الإدارة عن قلقه بشأن القيود التي يفرضها عرض باراماونت على قدرة وارنر براذرز على إعادة تمويل الديون، بالإضافة إلى رسوم فسخ محتملة بقيمة 2.8 مليار دولار لنتفليكس في حال إتمام الصفقة مع باراماونت. هذه المخاطر المالية والإجرائية دفعت المجلس إلى رفض العرض.
رد فعل نتفليكس
أكد تيد ساراندوس، الرئيس التنفيذي المشارك لنتفليكس، أن مجلس إدارة وارنر براذرز قد خلص إلى أن اتفاقية الاندماج مع نتفليكس هي الأفضل، وأن الاستحواذ يصب في مصلحة المساهمين. وتعتبر نتفليكس، أكبر شركة ترفيه قيمةً في العالم، أن الاستحواذ على وارنر براذرز سيعزز مكتبتها القيّمة ويساهم في توسيع نطاق خدمات البث الخاصة بها.
في المقابل، تسعى باراماونت، المملوكة لملياردير البرمجيات لاري إليسون ونجله ديفيد، إلى مخاطبة مساهمي وارنر براذرز مباشرةً، في محاولة لإقناعهم بقبول عرضها. وتعتبر باراماونت أن اندماجها مع وارنر براذرز سيخلق كيانًا إعلاميًا عملاقًا قادرًا على المنافسة بفعالية في سوق البث المتنامي.
المنافسة على وارنر براذرز: نظرة أعمق
تأتي هذه المنافسة الشرسة في وقت تشهد فيه صناعة الترفيه تحولات كبيرة، مع تزايد شعبية خدمات البث وتراجع الإيرادات التقليدية للتلفزيون والكابل. ويرى المحللون أن الاستحواذ على وارنر براذرز، التي تمتلك استوديوهات هوليوود الشهيرة وشبكة HBO، يمثل فرصة استراتيجية للسيطرة على جزء كبير من سوق المحتوى.
يجادل المسؤولون التنفيذيون في كل من باراماونت ونتفليكس بأن شركتهم هي الأنسب لامتلاك وارنر براذرز، وأنها ستتمكن من الاستفادة من مكتبة المحتوى القيّمة للشركة لتعزيز عمليات البث الخاصة بها. ومع ذلك، يثير هذا التنافس مخاوف بشأن تأثير مزيد من التركز في الصناعة، وانتقادات من أطراف مختلفة.
تخطط وارنر براذرز لفصل شبكات الكابل التابعة لها، مثل CNN وTNT، في شركة مستقلة قبل إتمام صفقة نتفليكس. تهدف هذه الخطوة إلى تبسيط هيكل الشركة وزيادة جاذبيتها للمستثمرين.
من المتوقع أن يتم تصويت المساهمين على الصفقة في الربيع أو أوائل الصيف، وفقًا لرئيس مجلس إدارة وارنر براذرز، صامويل دي بيازا. ومع ذلك، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت الصفقة ستنجح في الحصول على موافقة الجهات التنظيمية، حيث تخضع أي صفقة من هذا القبيل لمراجعة دقيقة.
في الختام، يظل مستقبل وارنر براذرز معلقًا على نتائج تصويت المساهمين وموافقة الجهات التنظيمية. من المتوقع أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة مزيدًا من المفاوضات والمناورات بين الأطراف المعنية، مع ترقب كبير من قبل المستثمرين والمحللين لمتابعة تطورات هذا الصراع على الاستحواذ.










