انطلقت فعاليات الدورة السادسة والعشرين من أيام قرطاج المسرحية في العاصمة التونسية، لتشكل بذلك منصة فنية هامة تجمع مسرحيات من تونس والدول العربية والأفريقية. يستمر المهرجان حتى 29 نوفمبر، ويقدم أكثر من 80 عرضاً مسرحياً متنوعاً، تحت شعار “المسرح نبض الشارع”، بهدف إحياء الفن المسرحي وتعزيز التبادل الثقافي.
شهد حفل الافتتاح الذي أقيم في دار الأوبرا بمدينة الثقافة إقبالاً جماهيرياً كبيراً، لدرجة نفاد التذاكر قبل يومين من العرض. افتتح المهرجان بمسرحية “الملك لير” المصرية، من بطولة الفنان يحيى الفخراني وإخراج شادي سرور، والتي لاقت استحساناً واسعاً من الحضور والنقاد.
أيام قرطاج المسرحية: احتفاء بالفن المسرحي وتنوعه
تعتبر أيام قرطاج المسرحية من أقدم وأعرق المهرجانات المسرحية في القارة الأفريقية، حيث تأسس عام 1982. يهدف المهرجان إلى دعم الإبداع المسرحي وتشجيع الحوار الثقافي بين مختلف الشعوب، بالإضافة إلى إبراز دور المسرح في التعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية. وقد تطور المهرجان على مر السنين ليصبح حدثاً ثقافياً بارزاً يجذب الفنانين والجمهور من جميع أنحاء العالم.
تكريمات لرواد المسرح العربي والأفريقي
تضمن حفل الافتتاح تكريماً لعدد من الفنانين والمبدعين التونسيين والعرب والأفارقة، تقديراً لمساهماتهم القيمة في إثراء المشهد المسرحي. من بين المكرمين التونسيين ليلى الرزقي، فتحي العكاري، علي الخميري، لزهاري السبيعي، سليم السنهاجي، وهادي بومعيزة. كما كرم المهرجان الفنانة المغربية لطيفة أحرار، والكاتب العُماني عماد محسن الشنفري، والمسرحي عبد الرحمن كاماتي.
وحظي الفنان المصري يحيى الفخراني بتكريم خاص بعد أدائه المميز في مسرحية “الملك لير”، حيث تفاعل معه الجمهور بحماس شديد. هذا التكريم يعكس مكانة الفخراني الرمزية في المسرح العربي، ومسيرته الفنية الحافلة بالنجاحات.
برنامج المهرجان: عروض متنوعة وفعاليات موازية
يشمل برنامج الدورة الحالية للمهرجان عروضاً مسرحية من 12 دولة، بما في ذلك تونس والجزائر والمغرب ومصر والأردن والعراق ولبنان والإمارات والسنغال وساحل العاج والأراضي الفلسطينية. تتوزع هذه العروض على أقسام مختلفة، مثل المسابقة الرسمية، ومسرح العالم، وعروض تونسية، وعروض عربية وأفريقية، وعروض الأطفال والناشئة، وعروض الهواة، بالإضافة إلى قسم “مسرح الحرية” المخصص للأعمال المنتجة داخل السجون ومراكز الإصلاح.
بالتوازي مع العروض المسرحية، ينظم المهرجان فعاليات موازية، مثل المنتدى المسرحي الدولي الذي سيعقد في الفترة من 24 إلى 26 نوفمبر، تحت عنوان “الفنان المسرحي، زمنه وأعماله”. يهدف المنتدى إلى جمع المسرحيين والباحثين والنقاد لمناقشة القضايا المتعلقة بالفن المسرحي وتبادل الخبرات. كما يتضمن البرنامج ورشاً تطبيقية وملتقى للبحوث المسرحية لدعم البحث العلمي في هذا المجال.
“أصوات من العالم” وتركيز على القضايا الإنسانية
أكد المدير الفني للمهرجان، محمد منير العرقي، أن العروض المشاركة تعبر عن “أصوات من تونس والعالم العربي وأفريقيا والعالم”، وأنها تتناول قضايا إنسانية معاصرة. وأضاف أن المهرجان يسعى إلى تقديم أعمال مسرحية ذات جودة عالية، تعكس التنوع الثقافي والإبداعي للمشاركين.
مسرحية “الملك لير” للفنان يحيى الفخراني، والتي افتتحت المهرجان، تعتبر تجربة فنية فريدة، حيث يقدم الفخراني الشخصية في عمرها الحقيقي، بعد أن قدمها في مرحلة سابقة من حياته. هذا الاختيار يضيف بعداً جديداً إلى الأداء، ويسمح للفنان بالتعبير عن عمق التجربة الإنسانية التي تحملها الشخصية.
من المتوقع أن تستمر فعاليات أيام قرطاج المسرحية في جذب اهتمام الجمهور والنقاد على حد سواء، وأن تساهم في تعزيز مكانة تونس كمركز ثقافي وفني هام في المنطقة. وستشكل نتائج المسابقة الرسمية للمهرجان محطة مهمة في مسيرة الفنانين المشاركين، وستساعد في إبراز المواهب الجديدة وتشجيع الإبداع المسرحي.
مع اقتراب موعد اختتام المهرجان في 29 نوفمبر، يترقب المهتمون إعلان النتائج النهائية للمسابقات المختلفة، وتقييم الأثر الفني والثقافي للدورة السادسة والعشرين. من المهم متابعة التغطية الإعلامية للمهرجان، وتحليل العروض والفعاليات التي قدمت، لفهم التوجهات الجديدة في المسرح العربي والأفريقي، وتقييم مدى نجاح المهرجان في تحقيق أهدافه.










