يرى أستاذ العلوم السياسية النمساوي فريد حافظ -الذي حل ضيفا على حلقة برنامج “المقابلة” (2023/5/21)- أن القيادات السياسية في بعض الدول الأوروبية تتبنى أجندة اليمين المتطرف بشأن تعاملها مع المسلمين.
ويقول حافظ إن النمسا على سبيل المثال كانت أحد أكثر البلدان تسامحا مع المسلمين وإحدى دول أوروبا الغربية القليلة التي اعترفت بالإسلام كدين بشكل قانوني منذ عام 2012، ولكن القيادة السياسية تحت حكم المستشار النمساوي السابق سيباستيان كورتس استهدفت المسلمين على وجه التحديد، وتبنت بشكل أساسي أجندة اليمين المتطرف، ولذلك قامت السلطات هناك بتطبيق حظر الحجاب وإغلاق المساجد.
وأضاف أن العملية الأمنية (الأقصر) -التي اقتحمت خلالها السلطات النمساوية منازل عشرات الشخصيات الإسلامية البارزة ومساجد ومؤسسات إسلامية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020- تدخل في إطار استهداف المسلمين وقمعهم وتهميشهم.
وكان برنامج “ما خفي أعظم” قد بث حلقة عن عملية “الأقصر” في 2022/1/7، وعرض وثائق وشهادات حصرية كشفت التناقضات والثغرات التي شابت العملية، كما كشف عن التعاون الأمني النمساوي في هذه العملية مع أجهزة استخبارية خارجية لدول، من بينها إسرائيل ومصر.
وقد أصدرت المحكمة العليا في مدينة غراتس النمساوية لاحقا قرارا قضائيا بإغلاق ملف الاتهام بالإرهاب ضد حافظ، واستند القرار إلى الوقائع والوثائق الحصرية التي عرضها تحقيق برنامج “ما خفي أعظم” وحمل عنوان “ليلة الاقتحام”.
ويضيف الأستاذ حافظ -وهو من أصل مصري- أن عملية “الأقصر” لم تكن عن العنف أو عن وجهات النظر السياسية، بل كانت الأسئلة التي وجهت إلى الأشخاص المسلمين الذين اقتيدوا لمراكز الشرطة تدور حول: هل تسمح لابنتك بالغناء؟ وهل تجبر زوجتك على ارتداء الحجاب؟ مؤكدا أن ضباط الشرطة الذين قاموا بالعملية تم تدريبهم من قبل أشخاص يؤمنون بأن الإسلام في حد ذاته يعد مشكلة وليس الإسلاموية، وأن أي شكل من أشكال الإسلام يشكل تهديدا للمجتمع الأوروبي.
وحسب حافظ، فإن التعاطي مع المسلمين يختلف بين دول أوروبا الشرقية ودول أوروبا الغربية، ففي الأخيرة -خصوصا في الدول التي تحكمها أحزاب يمينية وسطية وأحزاب مسيحية محافظة- هناك إجراءات متشددة ضد المسلمين، كعملية “الأقصر” والاقتحامات والمداهمات التي تستهدفهم في فرنسا.
وأشار إلى أن هذا الوضع ينعكس على مستوى الاتحاد الأوروبي، ضاربا مثلا على ذلك بأنه في الماضي كان للمفوضية الأوروبية شخص مسؤول عن محاربة جرائم الكراهية ضد المسلمين، ولكن توقف هذا العمل منذ أكثر من عامين ونصف.
وعن الدول الأكثر شراسة باستهداف المسلمين في أوروبا، يرى حافظ أن فرنسا هي الأكثر عنفا، وفي ألمانيا ظل المحافظون في السلطة طوال 16 عاما ونفذوا إجراءات كثيرة ضد المسلمين ولكن بصفة خفية، واستهدفوا منظمات المجتمع المدني الإسلامية ولكن ليس بشكل صاخب كما حدث في النمسا.
أجندة سرية
وبشأن ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا، يرى الأستاذ النمساوي المسلم أن هناك اختلافا بين الجمهور العام وصناع السياسات، فالصورة العامة عن المسلمين سلبية بالنسبة للجمهور العام، إذ يعتبر أن الإسلام هو اضطهاد المرأة والعنف، ولكن صناع القرار يقولون إن المسلمين لديهم أجندة سرية ويريدون أسلمه الدول الأوروبية، ويتحدثون عن نظرية المؤامرة التي تحاك ضدهم، وهو ما كانت تدور حوله عملية “الأقصر” في النمسا.
ويشرف الأستاذ حافظ منذ عام 2015 على إصدار التقرير السنوي عن ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا، ويقول إنه بدأ في إجراء بحوث عن الظاهرة بالتركيز على اليمين المتطرف، وإنه كان حينها من المشاهير وحصل على جوائز، لكن الأمور تغيرت بالنسبة إليه عندما تبنت أحزاب الوسط الموجودة في السلطة أجندة اليمين المتطرف.