أفاد تقرير صادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” (RSF) أن إسرائيل قتلت عدداً أكبر من الصحفيين في عام 2025 مقارنة بأي دولة أخرى. وتأتي هذه الزيادة المأساوية في ظل الحرب المستمرة في قطاع غزة، حيث أُلقي باللوم على القوات الإسرائيلية في وفاة 29 صحفياً فلسطينياً. هذا العدد يمثل ما يقرب من نصف إجمالي الصحفيين الذين قُتلوا على مستوى العالم هذا العام، مما يسلط الضوء على المخاطر المتزايدة التي يواجهها الصحفيون في مناطق النزاع.
وذكر التقرير السنوي الذي نشرته RSF يوم الثلاثاء أن هذه هي السنة الثالثة على التوالي التي تحتل فيها إسرائيل المرتبة الأولى كقاتل للصحفيين. وبشكل عام، قُتل 67 صحفياً حول العالم هذا العام، بزيادة واحد عن عام 2024. وتشير هذه الأرقام إلى تصاعد العنف ضد العاملين في مجال الإعلام، مما يثير مخاوف جدية بشأن حرية الصحافة وسلامة الصحفيين.
الوضع في غزة: تصاعد العنف ضد الصحفيين
ألقى ثيبو بروتين، المدير العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود”، باللوم على “فشل” المنظمات الدولية في حماية الصحفيين في مناطق النزاع، مشيراً إلى أنه نتيجة لانحدار عالمي في “شجاعة الحكومات”. وأكد بروتين أن الصحفيين لا يموتون فحسب، بل يُقتلون عن عمد بسبب عملهم. وتشير البيانات إلى أن 43% من إجمالي الصحفيين الـ 67 الذين لقوا حتفهم خلال الاثني عشر شهراً الماضية، قضوا بأيدي الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة المحاصر.
أكثر الهجمات دموية
كان الهجوم الأكثر دموية في القطاع عبارة عن ضربة “مزدوجة” على مستشفى في جنوب غزة في 25 أغسطس، أسفرت عن مقتل خمسة صحفيين، بمن فيهم المصور في قناة الجزيرة محمد سلامة، بالإضافة إلى مساهمين من وكالتي رويترز و أسوشيتد برس. وتشير التقارير إلى أن ما يقرب من 300 صحفي وعامل إعلامي قد قُتلوا في هجمات إسرائيلية في غزة خلال 26 شهراً من الحرب، أي ما يعادل حوالي 12 صحفياً كل شهر، وفقاً لإحصائيات موقع Shireen.ps، وهو موقع مراقبة سمي على اسم الصحفية في قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، التي قُتلت برصاص القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة عام 2022.
بالإضافة إلى ذلك، حافظت إسرائيل على حظرها على دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة – إلا إذا وصلوا في جولات منظمة بإحكام من قبل الجيش الإسرائيلي – على الرغم من دعوات من مجموعات إعلامية ومنظمات حرية الصحافة للمطالبة بالوصول.
الوضع العالمي: دول أخرى تشكل خطراً على الصحفيين
تصدرت المكسيك قائمة الدول الأكثر خطورة في العالم بالنسبة للصحفيين، حيث قُتل تسعة صحفيين خلال العام الماضي. وفي أوكرانيا المدمرة بالحرب، حيث قُتل ثلاثة صحفيين في عام 2025، والسودان، حيث قُتل أربعة صحفيين هذا العام، توجد أيضاً مستويات عالية من الخطر على الصحفيين، وفقاً لـ RSF. وتشير هذه الأرقام إلى أن العنف ضد الصحفيين ليس مقتصراً على منطقة الشرق الأوسط، بل هو مشكلة عالمية تتطلب اهتماماً عاجلاً.
تسجل منظمة “مراسلون بلا حدود” أيضاً عدد الصحفيين المسجونين بسبب عملهم. تتصدر الصين القائمة بـ 121 صحفياً خلف القضبان. وتأتي روسيا (48) وميانمار (47) في المرتبة الثانية من حيث الدول الأكثر قمعاً. وبحلول 1 ديسمبر 2025، كان هناك 503 صحفي قيد الاحتجاز في 47 دولة. بالإضافة إلى ذلك، هناك 135 صحفياً مفقودين في 37 دولة، و 20 آخرين محتجزين كرهائن.
تتزايد المخاوف بشأن حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم، حيث يواجه الصحفيون تهديدات متزايدة من الحكومات والجماعات المسلحة والأفراد. وتشير هذه التطورات إلى تراجع في الالتزام بحماية الصحفيين والسماح لهم بالعمل بحرية ودون خوف من الانتقام. كما أن الأمن الصحفي أصبح قضية ملحة تتطلب تدخلاً دولياً.
من المتوقع أن تستمر منظمة “مراسلون بلا حدود” في مراقبة الوضع العالمي لحرية الصحافة ونشر تقارير دورية حول التطورات الجديدة. ومن المقرر أن يتم نشر التقرير التالي في ديسمبر 2026، ومن المتوقع أن يقدم تقييماً شاملاً للوضع في ذلك الوقت. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي يشير إلى أن التحديات التي تواجه الصحفيين ستستمر في التزايد، مما يتطلب جهوداً متواصلة لحماية حقوق الصحفيين وضمان قدرتهم على أداء عملهم الحيوي.








