أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجومًا لفظيًا على المهاجرين الصوماليين يوم الثلاثاء، في الوقت الذي تستعد فيه السلطات الفيدرالية لإطلاق حملة اعتقال واسعة النطاق تستهدف المئات من الصوماليين غير الشرعيين في ولاية مينيسوتا. وتأتي هذه التطورات وسط جدل متصاعد حول سياسات الهجرة الأمريكية ومستقبل المهاجرين الصوماليين في البلاد.
وفي خطاب مطول أمام الصحفيين، قال ترامب إنه لا يريد المهاجرين الصوماليين في الولايات المتحدة، مدعيًا أن سكان الدولة الواقعة في شرق إفريقيا “لم يساهموا بشيء” في الولايات المتحدة بينما يعتمدون على المساعدات. ولم يقدم ترامب أي دليل يدعم هذه الادعاءات. وتأتي هذه التصريحات في سياق تشديد عام على سياسات الهجرة وتقليل أعداد اللاجئين.
هجوم ترامب على الجالية الصومالية
لم يكن هذا الهجوم هو الأول من نوعه الذي يشنه الرئيس الأمريكي على الجالية الصومالية في البلاد. فقد نشر ترامب تصريحات مماثلة على وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي وخلال فترة ولايته الأولى. كما استهدف ترامب بشكل متكرر النائبة الأمريكية من أصل صومالي، إلهان عمر، بالاتهامات والانتقادات اللاذعة.
يبدو أن الرئيس ترامب يركز بشكل خاص على المهاجرين من الدول النامية بتصريحات أو سياسات قاسية، باستثناء البيض من جنوب إفريقيا، الذين زادت حصص الهجرة إليهم. هذا التمييز في المعاملة أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان والناشطين.
تخفيض أعداد اللاجئين وتعليق الهجرة
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت الولايات المتحدة تعليق الهجرة من 19 دولة تعتبر “عالية المخاطر”، وذلك بعد إطلاق النار الذي أسفر عن مقتل اثنين من أفراد الحرس الوطني على يد مواطن أفغاني. وفي نهاية أكتوبر، قلصت إدارة ترامب عدد اللاجئين الذين ستقبلهم الولايات المتحدة العام المقبل إلى 7500 فقط – وهو أدنى مستوى منذ قانون اللاجئين لعام 1980 – مع إعطاء الأولوية للبيض من جنوب إفريقيا.
وفي الوقت نفسه، أفادت وسائل الإعلام الأمريكية يوم الثلاثاء أن مكتب التحقيقات والمراقبة للهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) سيقوم بعملية في الأحياء الصومالية في الأيام القليلة المقبلة. وتشير التقديرات إلى أن العملية قد تستهدف ما لا يقل عن 100 من عملاء ICE.
لماذا يستهدف ترامب الجالية الصومالية الآن؟
استقرت أجزاء كبيرة من الشتات الصومالي في الولايات المتحدة خلال الخمسين عامًا الماضية. يعود هذا الاستقرار إلى عوامل متعددة، بما في ذلك الحرب الأهلية في الصومال والبحث عن فرص اقتصادية أفضل.
أدلى ترامب بهذه التصريحات بعد خطاب ألقاه للأمة عقب إطلاق النار على أفراد الحرس الوطني، حيث أمر بإعادة فحص الأشخاص من 19 دولة مدرجة في القائمة السوداء والذين يحملون بطاقات إقامة دائمة في الولايات المتحدة. كما انتقد ترامب الجالية الصومالية في مينيسوتا، مدعيًا أن “مئات الآلاف من الصوماليين ينهبون بلدنا ويفككون تلك الولاية التي كانت عظيمة ذات يوم”.
تأتي هذه التصريحات أيضًا بعد تقرير نشره ناشط محافظ، كريستوفر روفو، يتهم الصوماليين في مينيسوتا بالاحتيال في برامج الرعاية الاجتماعية. وادعى روفو، استنادًا إلى مصادر لم يتم الكشف عن هويتها، أن الصوماليين المستفيدين من برامج الرعاية الاجتماعية يرسلون مبالغ كبيرة من الأموال إلى بلدهم الأصلي، وأن بعض هذه الأموال قد انتهى بها المطاف إلى حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
ردود الفعل على تصريحات ترامب
أدان حاكم مينيسوتا، تيم والز، خطة الاعتقال في مينيابوليس، قائلاً إن الولاية ترحب بالدعم في مقاضاة الجريمة، لكن “تنفيذ خدعة علاقات عامة واستهداف المهاجرين بشكل عشوائي ليس حلاً حقيقيًا لمشكلة”.
كما أعرب مسؤولو المدينة عن إدانتهم لهجوم ترامب على الجالية الصومالية في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، ووعدوا بعدم التعاون مع عملاء ICE الذين يقومون بفحص المهاجرين. وصفت عمدة مينيابوليس، جاكوب فري، التحرك المحتمل بأنه “إرهاب”.
عضو مجلس مدينة مينيابوليس، جمال عثمان، الذي هاجر من الصومال إلى الولايات المتحدة عندما كان يبلغ من العمر 14 عامًا، قال في المؤتمر: “أعلم أن العديد من العائلات تشعر بالخوف… مدينة مينيابوليس تقف إلى جانبكم”. وأضاف: “الصوماليون الأمريكيون هنا ليبقى”.
تأثير سياسات ترامب على الجالية الصومالية
في نوفمبر، أعلن ترامب على منصته Truth Social أنه ينهي “على الفور” وضع الحماية المؤقتة (TPS) للمهاجرين الصوماليين في مينيسوتا، مشيرًا إلى برنامج مصمم لتوفير ملجأ طارئ للأشخاص الذين تأتي بلدانهم من أزمات. يستفيد من هذا البرنامج حوالي 705 صومالي.
وادعى ترامب، دون تقديم دليل، أن “عصابات صومالية تروع شعب تلك الولاية العظيمة” واتهم الحاكم والز، دون دليل، بالإشراف على ولاية أصبحت “مركزًا لغسيل الأموال الاحتيالي”.
في يوليو، أصبحت الصومال واحدة من 12 دولة يخضع مواطنوها لحظر سفر أمريكي. كما تم وضعها تحت حظر سفر خلال فترة ولاية ترامب الأولى.
من المتوقع أن تشهد الأيام القليلة القادمة تصعيدًا في التوترات بين إدارة ترامب والجالية الصومالية في مينيسوتا. سيكون من المهم مراقبة كيفية تنفيذ عملية ICE، وكيف ستستجيب الجالية الصومالية، وما إذا كانت هذه الأحداث ستؤدي إلى مزيد من التغييرات في سياسات الهجرة الأمريكية.










