15/7/2025–|آخر تحديث: 17:47 (توقيت مكة)
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد الركن حسن جوني إن تصاعد محاولات أسر جنود إسرائيليين في الآونة الأخيرة يعكس انتقالا نوعيا في أهداف المقاومة الفلسطينية، مشيرا إلى أن هذا التطور ينطوي على تخطيط عسكري متقن يستند إلى 3 مراحل دقيقة تُنفّذ وسط ظروف ميدانية شديدة التعقيد.
وأوضح جوني، في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة، أن العملية النوعية التي أعلنت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– تنفيذها بمنطقة عبسان الكبيرة، شرق خان يونس، والتي انتهت بمقتل جندي إسرائيلي خلال محاولة أسره، تعكس تحولا لافتا في مسار العمليات الميدانية.
وكان قائد ميداني في “سرايا القدس” قال إنّ عناصر من السرايا نفذوا يوم الثلاثاء الماضي عملية نوعية، استهدفت ناقلة جند في عبسان الكبيرة، مضيفا أن العملية التي كانت تهدف لأسر جنود بدأت بتفجير عبوات، ما أدى لتدمير ناقلة الجند.
وأشار إلى أنّ عناصر السرايا اشتبكوا مع طاقم ناقلة الجند من مسافة الصفر، وتمكنوا من سحل جندي بهدف أسره، لكنّ آليات عسكرية استهدفت مسرح العملية، ما عرقل أسر الجندي وأدى لمقتله.
ولفت جوني إلى أن مثل هذه العمليات تمر بـ3 مراحل أساسية، تبدأ بتهيئة مسرح الاشتباك ميدانيا، عبر تفجير عبوة أو إطلاق نار أولي، تمهيدا لتدخل عنصر أو أكثر من المقاومة للإمساك بالجندي المستهدف، وهنا تبرز صعوبة المرحلة الثانية، وهي التوغل وسط النيران لسحب الجندي إلى منطقة آمنة.
أما المرحلة الثالثة، فهي الأكثر تعقيدا، وتتمثل في إخلاء الجندي من موقع الاشتباك ونقله إلى نقطة آمنة بعيدا عن مرمى نيران الاحتلال.
بروتوكول هانيبال
وأشار الخبير العسكري إلى أن هذه اللحظة عادة ما تشهد تدخلا مباشرا من الجيش الإسرائيلي، الذي يطبق ما يُعرف بـ”بروتوكول هانيبال”، أي إطلاق نار كثيف لإفشال عملية الأسر، ولو كلف ذلك حياة الجندي نفسه.
وفي العملية التي وقعت في عبسان، قال جوني إن الرواية التي نشرتها سرايا القدس تفيد بأن تدخل الآليات الإسرائيلية عند محاولة سحب الجندي أفضى إلى مقتله، مما يدل بوضوح على تطبيق هانيبال، واستخدام مفرط للقوة لإحباط العملية.
وكان مراسل الجزيرة محمود الكن قد أشار عبر الخريطة التفاعلية إلى أن العمليات الأخيرة في خان يونس، جنوبي القطاع، شهدت تحولا واضحا في تكتيكات المقاومة، إذ انتقلت من تفجير العبوات ضد الآليات إلى الاشتباك المباشر مع الجنود، في مسعى واضح لإحداث صدمة ميدانية ومعنوية لدى القوات الإسرائيلية.
وأضاف أن جيش الاحتلال ينفّذ عادة توغلاته من 3 محاور رئيسية: هي عبسان الكبيرة والصغيرة شرق خان يونس، ومحور موراغ جنوبا، بالإضافة إلى محور كيسوفيم-القرارة شمالا، وهي محاور تعتمد عليها إسرائيل بشكل تقليدي في عملياتها داخل القطاع.
وفي هذا السياق، يرى العميد الركن حسن جوني، أن توجه المقاومة نحو تنفيذ عمليات أسر يعكس ارتقاء إستراتيجيا في طموحاتها وأهدافها، ويترك أثرا نفسيا بالغا على الجنود الإسرائيليين الذين يعيشون بالفعل حالة من التوتر والانهيار المعنوي داخل الميدان.
وشدد جوني على أن مجرد تفكير الجنود بإمكانية الوقوع في الأسر يربك تحركاتهم، ويضعف فعاليتهم القتالية، خصوصا أن سابقة الجندي جلعاد شاليط لا تزال حاضرة في الذاكرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وقد خلّفت تداعيات داخل المؤسسة العسكرية امتدت لسنوات.
ويرى جوني أن ما يجري على الأرض يعكس إصرار المقاومة على تطوير أدواتها القتالية، وعلى تحويل تكتيكات الأسر إلى معادلة ضغط متقدمة في الميدان، رغم المخاطر العالية التي ترافق هذه العمليات في قلب المواجهات المشتعلة.