أعرب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن اعتقاده بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو “الزعيم الوحيد في العالم القادر على حل أزمة السودان”. يأتي هذا التصريح وسط استمرار الحرب الأهلية في السودان للدخول عامها الثالث، مما تسبب في معاناة إنسانية حادة للسكان المدنيين. وتتزايد التوترات مع تقدم قوات الدعم السريع وتصاعد المخاوف من المزيد من الانتهاكات. (أزمة السودان)
تصعيد الاقتتال وجهود الوساطة في السودان
أعلن الرئيس ترامب الشهر الماضي عن خطط للعمل مع دول رباعية (الولايات المتحدة، الإمارات العربية المتحدة، السعودية، مصر) وشركاء إقليميين آخرين لإنهاء النزاع الدائر في السودان منذ أبريل 2023. وقد جاء ذلك استجابة لطلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حسبما أفاد ترامب. ويرى المراقبون أن هذه الخطوة تعكس أهمية الدور الإقليمي في محاولة إيجاد حل للأزمة السودانية.
وصف الرئيس ترامب السودان بأنه “من أكثر الأماكن عنفاً” في العالم، وأنها تواجه أكبر أزمة إنسانية على مستوى الكوكب. وأضاف أن قادة دوليين آخرين ناشدوه التدخل واستخدام نفوذه لوقف العنف المتصاعد.
الوضع الميداني وتصاعد العنف
تتفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية في السودان بشكل مستمر مع استمرار القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وفي وقت مبكر من هذا الأسبوع، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة بابنوسة، وهي مركز رئيسي في ولاية كردفان الكبرى. إلا أن الجيش السوداني قد رفض هذا الادعاء.
تعتبر بابنوسة بوابة إلى منطقة دارفور الغربية، التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع بالكامل الشهر الماضي. ويأتي هذا التقدم بعد الاستيلاء على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، عقب حصار استمر 18 شهراً. وقد اتُهمت قوات الدعم السريع بارتكاب فظائع واسعة النطاق في الفاشر.
وتزامن هذه التطورات مع إعلان قوات الدعم السريع عن وقف إطلاق نار من طرف واحد، وهو ما رفضه الجيش السوداني باعتباره غير كافٍ. ويتهم الجيش قوات الدعم السريع بمواصلة الهجمات رغم إعلان الهدنة. النزاع السوداني
الخلافات حول جهود الوساطة الدولية
اتهم الجيش السوداني دولة الإمارات العربية المتحدة بالتحيز لصالح قوات الدعم السريع، زاعماً أن مقترحات الهدنة التي قدمتها دول الرباعية تهدف إلى تدمير الجيش السوداني. في المقابل، تنفي الإمارات بشدة أي تورط في دعم قوات الدعم السريع، وتشير إلى التزامها بإيجاد حل سلمي للأزمة. هذا الجدل يعقد جهود الوساطة ويؤثر على فرص تحقيق السلام.
تأثير الأزمة الإنسانية والمخاوف من الانتهاكات
أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك عن مخاوفه من وقوع المزيد من الفظائع في ظل القتال العنيف المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وقد فوض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة تحقيق في الادعاءات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات القتل الجماعي والاعتداء الجنسي والتعذيب والنزوح القسري للأقليات العرقية، خاصة بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر.
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحرب في السودان قد أسفرت عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، لكن منظمات الإغاثة تعتقد أن هذا الرقم يقلل من حجم الكارثة الحقيقية، وأن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير.
تسببت الحرب أيضاً في نزوح الملايين من الأشخاص، ودفعت أجزاء من البلاد إلى حافة المجاعة. ووفقًا لمراسلة الجزيرة العربية أسماء محمد، التي أفادت من مخيم اللاجئين الأفاد في الولاية الشمالية بالسودان، فإن العائلات النازحة من دارفور وكردفان تعيش في “وضع إنساني كارثي”. وأضافت أن هناك نقصاً حاداً في الخدمات الطارئة والأدوية والكوادر الطبية المتخصصة، بما في ذلك أطباء الأطفال. المأساة الإنسانية في السودان
ويواجه المجتمع الدولي تحديات كبيرة في تقديم المساعدة الإنسانية اللازمة للمتضررين، بسبب استمرار القتال وتعقيد الأوضاع الأمنية. تشكل الأزمة تحديًا إقليميًا ودوليًا يتطلب تدخلًا عاجلاً لإيقاف العنف وتخفيف المعاناة الإنسانية.
من المتوقع أن تستمر جهود الوساطة الدولية في الأيام والأسابيع المقبلة، مع التركيز على إقناع الطرفين بالعودة إلى طاولة المفاوضات. ومع ذلك، لا تزال فرص تحقيق السلام غير واضحة، وسط استمرار الخلافات العميقة والتحركات الميدانية المتسارعة. يجب مراقبة تطورات الوضع في بابنوسة والفاشر، بالإضافة إلى موقف الإمارات وتقدّم الهدنة من طرف واحد، لتقييم إمكانية التوصل إلى حل للأزمة السودانية.










