فتح سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد بابا للأمل مشوبا بالحذر للعثور على معتقلين مفقودين، لكنه في الوقت نفسه قد يغلق جرحا مفتوحا بمعرفة مصائر مجهولة منذ سنوات.
ولم يترك السوريون طريقا في رحلة البحث عن أحبائهم المفقودين، إذ دفعوا أموالا طائلة إبان حكم الأسد وتواصلوا مع المؤسسات الحكومية، وصولا إلى نشر صور أبنائهم على الجدران والميادين العامة خاصة ساحة المرجة وسط العاصمة دمشق.
يقول والد أحد المفقودين إن رخصة قيادة وجدت بفرع المخابرات الجوية في مدينة حرستا بريف دمشق كانت الخيط لبدء رحلة البحث عن الشاب المفقود قاسم عدنان صادق.
وكشف والد المفقود -للجزيرة- أنه يبحث منذ عام 2013 عن ابنه المعتقل في سجون الأسد، وعدد بعضا من الخيارات بشأن مصير ابنه.
وتنحصر الخيارات -وفق والد قاسم- بين نجاة ابنه أو موته أو فقدانه الذاكرة أو حتى نقله إلى سجن آخر للمقايضة عليه لاحقا.
وكانت الجزيرة قد حصلت على وثائق من سجن صيدنايا بريف دمشق تتضمن ملفات إعدام جماعية، ووردت فيها أسماء السجناء الذين تم إعدامهم منتصف يوليو/تموز من عام 2021.
جولة بفرع مخابرات حرستا
وتجولت الجزيرة في فرع المخابرات الجوية في حرستا، حيث يعتقد متطوعون في البحث عن المفقودين أن نظام الأسد تعمد إخفاء الأدلة بشأن آلاف المعتقلين على مدار السنوات الماضية.
يقول نبيل أبو هادي من رابطة معتقلي سجن صيدنايا إن الوثائق المتعلقة بالمعتقلين المدنيين في الفرع أتلفت بعملية ممنهجة، في حين لم تلحق أضرارا بوثائق الأشخاص العسكريين.
ووفق أبو هادي، فإن الإخفاء القسري للمعتقلين في سجن صيدنايا كان أداة ابتزاز مالي للأهالي، مقدرا أن إجمالي ما دفعوه للنظام المخلوع يصل إلى 900 مليون دولار بين عامي 2011 و2020.
وتمكنت قوات المعارضة السورية في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 من اقتحام السجن سيئ الصيت، وتحرير المعتقلين رجالا ونساء وأطفالا منه، وذلك بعد دخولها العاصمة السورية وإسقاط نظام بشار الأسد.
ويُعَد هذا السجن أحد أكثر السجون العسكرية السورية تحصينا، ويطلق عليه “المسلخ البشري” بسبب التعذيب والحرمان والازدحام داخله، ولُقب بـ”السجن الأحمر” نتيجة الأحداث الدامية التي شهدها خلال عام 2008.
واحتوت غرف فرع المخابرات الجوية بحرستا -وفق كاميرا الجزيرة- على وثائق وبيانات لمعتقلين سابقين، ولكن من دون الجزم بوجود أصحابها على قيد الحياة.
وبعيدا عن مقار الاعتقال والاحتجاز، يبحث الناس عن خيط أمل في ساحة المرجة وسط دمشق، إذ علقوا صورا لمعتقلين وأرفقوها برقم هاتف للاتصال.
كما استعرض تقرير الجزيرة بعضا من تلك الحالات الإنسانية مثل سيدة تحاول جاهدة معرفة مصير ابنها الذي اختفى بعد خروجه من المعتقل.