ارتفع عدد اللاجئين الفارين إلى بوروندي من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى أكثر من 84 ألف شخص، وذلك بسبب تصعيد هجومي شنته جماعة متمردة مدعومة من رواندا بالقرب من الحدود المشتركة بين البلدين. تُواجه بوروندي الآن “نقطة حرجة” مع تدفق اللاجئين وطالبي اللجوء الفارين من تصاعد العنف في مقاطعة جنوب كيفو الكونغولية، وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
أزمة اللاجئين تتفاقم في بوروندي
أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) يوم الجمعة أن بوروندي وصلت إلى “نقطة حرجة” بسبب تدفق اللاجئين وطالبي اللجوء الفارين من تصاعد العنف في مقاطعة جنوب كيفو بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد تجاوز عدد الفارين الآن 200 ألف شخص، مما يشكل ضغطًا هائلاً على الموارد المحلية ويخلق حالة طوارئ إنسانية كبيرة تتطلب دعمًا عالميًا فوريًا.
الوضع الإنساني صعب للغاية، حيث تواجه النساء والأطفال بشكل خاص صعوبات جمة. يصلون إلى بوروندي منهكين ويعانون من صدمات نفسية بالغة، ويحملون آثارًا جسدية ونفسية للعنف المروع. ذكرت المفوضية أن فرقها التقت بنساء حوامل لم يتناولن الطعام منذ أيام.
بداية الأزمة وتصعيد العنف
بدأ هذا التدفق الكبير من اللاجئين في أوائل ديسمبر عندما أطلقت جماعة متمردة، يُعتقد أنها مدعومة من رواندا، هجومًا استولى في نهايته على مدينة أوفيرا الاستراتيجية في شرق الكونغو الديمقراطية، وهي مدينة يسكنها مئات الآلاف من الأشخاص. بدأ اللاجئون في عبور الحدود إلى بوروندي في الخامس من ديسمبر، وتزايدت أعدادهم بعد سيطرة المتمردين على أوفيرا في العاشر من ديسمبر.
في المقابل، أعلنت الجماعة المتمردة عن بدء انسحابها من أوفيرا يوم الأربعاء، واصفة ذلك بأنه “إجراء لبناء الثقة” لدعم جهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة وقطر. لكن وزير الاتصالات الكونغولي باتريك مويايا رفض هذا الإعلان ووصفه بأنه “محاولة للتضليل”، زاعمًا أنه يهدف إلى تخفيف الضغط على رواندا.
ظروف اللاجئين الصعبة
يواجه اللاجئون ظروفًا صعبة للغاية في نقاط العبور والمخيمات المؤقتة في بوروندي، حيث تفتقر البنية التحتية إلى الحد الأدنى من المتطلبات. يعيش الكثيرون تحت الأشجار دون حماية كافية من العوامل الجوية، ويعانون من نقص حاد في المياه النظيفة والصرف الصحي المناسب.
يشكل الأطفال دون سن الثامنة عشرة حوالي نصف عدد النازحين، بالإضافة إلى عدد كبير من النساء، بما في ذلك بعضهن حوامل. أفاد إزيكييل نبيجيرا، الرئيس البوروندي للمجتمع الاقتصادي لدول وسط أفريقيا (ECCAS)، بوجود 25 ألف لاجئ في جاتومبا غرب بوروندي، وحوالي 40 ألفًا في بوغندا شمال غرب البلاد، معظمهم “في حالة فقر مدقع”.
أكد أوغسطين ميناني، المسؤول الإداري في رومونجي، أن الوضع “كارثي” وأن “الغالبية العظمى يموتون جوعًا”. روى اللاجئون مشاهداتهم لقصف وتفجيرات مدفعية، ورؤية أقارب قتلى، وإجبارهم على ترك أفراد عائلاتهم المسنين الذين لم يتمكنوا من مواصلة الرحلة.
تداعيات أوسع نطاقًا
يمثل الهجوم الذي شنته الجماعة المتمردة مكاسب إقليمية كبيرة لها هذا العام، بعد استيلائها على مدينتي غوما وبوكافو الرئيسيتين في وقت سابق من العام. وقد أدى هذا التقدم إلى سيطرة المتمردين على أراضٍ واسعة في شرق الكونغو الديمقراطية الغني بالمعادن، وقطع طريقًا حيويًا للإمداد للقوات الكونغولية على طول الحدود مع بوروندي.
أُطلق الهجوم على أوفيرا قبل أسبوع واحد فقط من اجتماع رئيسي بين رئيسي الكونغو الديمقراطية ورواندا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن العاصمة، لتأكيد التزامهما باتفاق سلام. أثار استيلاء المتمردين على المدينة انتقادات حادة من واشنطن، حيث حذر المسؤولون من عواقب ما وصفوه بانتهاك رواندا للاتفاق. وتنفي رواندا دعمها للمتمردين.
أسفر القتال عن مقتل أكثر من 400 مدني في الكونغو الديمقراطية وتشريد أكثر من 200 ألف شخص منذ أوائل ديسمبر، وفقًا لمسؤولين إقليميين ومنظمات إنسانية. ويشير تقرير المفوضية إلى أن الصراع الأوسع نطاقًا في شرق البلاد، حيث تعمل أكثر من 100 جماعة مسلحة، قد أدى إلى تشريد أكثر من سبعة ملايين شخص.
من المتوقع أن تستمر المفوضية في تقييم الاحتياجات الإنسانية المتزايدة للاجئين في بوروندي، والعمل مع الحكومة البوروندية والشركاء الدوليين لتوفير المساعدة اللازمة. سيراقب المجتمع الدولي عن كثب تطورات الوضع، وخاصة فيما يتعلق بانسحاب المتمردين من أوفيرا، والتحقيق في مزاعم دعم رواندا للمتمردين، والجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.










